للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والله لقد كانت صوامة قوامة عفيفة مسلمة، انطلقوا بنا إليها فانطلقنا، فأخرت الناس وأتيت القبر فإذا القبر مفتوح، وإذا هي جالسة، وهذا الولد يدور حولها، وإذا مناد ينادي: أيها المستودع ربه وديعته خذ وديعتك. أما والله لو استودعت أمه لوجدتها! فأخذته وعاد القبر كما كان والله يا أمير المؤمنين. قال أبو يعقوب: فحدثت بهذا الحديث في الكوفة، فقالوا: نعم هذا الرجل كان يقال له خزين القبور.

وقريب من هذا الخبر في غريب اتفاقه، ولطيف مساقه، ما حكاه الحافظ المزني في تهذيبه، في ترجمة عبيد بن واقد الليثي البصري، أنه قال: خرجت أريد الحج، فوقفت على رجل بين يديه غلام من أحسن الغلمان صورة، وأكثرهم حركة، فقلت: من هذا؟ ومن يكون؟ قال: ابني.

وسأحدثك عنه. خرجت مرة حاجا، ومعي أم هذا الغلام، وهي حامل به، فلما كنا في بعض الطريق، ضربها الطلق فولدت هذا الغلام وماتت. وحضر الرحيل، فأخذت الصبي، فلففته في خرقة، وجعلته في غار، وبنيت عليه أحجارا، وارتحلت وأنا أرى أنه يموت من ساعته. فقضينا الحج، ورجعنا فلما نزلنا ذلك المنزل، بادر بعض أصحابي إلى الغار فنقض الأحجار فإذا هو بالصبي يلتقم إبهاميه فنظرنا فإذا اللبن يخرج منهما. فاحتملته معي فهو الذي ترى.

[الخواص]

: إذا علق منقار الغراب على إنسان حفظ من العين، وكبده تذهب الغشاوة اكتحالا، وإذا علق طحاله على إنسان هيج الشبق، وإذا سقي إنسان من دمه مع نبيذ أبغض النبيذ حتى لا يرجع يشربه، وبيضه إذا طرح في النورة نفع مستعمله. ودمه إذا جفف وحشي به البواسير أبرأها. وقلبه ورأسه إذا طرحا في النبيذ وسقي الإنسان منه من يريد محبته، فإن الشارب يحب الساقي محبة عظيمة. ولحم المطوق إذا أكل مشويا، نفع القولنج. ومرارة الغراب إذا طلي بها إنسان مسحور بطل عنه السحر. وإذا غمس الغراب الأسود بريشه في الخل وطلي به الشعر سوده. وزبل الغراب الأبلق الذي يسمى اليهودي ينفع الخنازير والخوانيق. وإن صرفي خرقة وعلق على الصبي الذي لم يبلغ الحلم، نفعه من السعال المزمن وقطعه. وإذا أكل الغراب الكتلة سقط ولم يقدر على الطيران، لا سيما في زمن الصيف.

[التعبير]

: الغراب في المنام يدل على رجل مخامر غدار واقف مع حظ نفسه، وربما دل على الحرص في المعاش، وربما كان حفارا. وممن يستحل قتل النفس، وربما دل على الحفر في الأرض ودفن الأموات، لقوله تعالى: فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ

«١» الآية. وربما دل الغراب على الغربة والتشاؤم بالأخبار، والغموم والأنكاد، وطول السفر، وعلى ما يوجب الدعاء عليه من أهله وأقاربه، أو سلطانه لسوء تدبيره.

وغراب الزرع يدل على ولد الزنا، والرجل الممزوج بالخير والشر، والغراب الأبقع يدل على رجل معجب بنفسه كثير الخلاف، وهو من الممسوخ. فمن صاد غرابا نال مالا حراما في ضيق بمكابدة. ولحم كل طير وريشه وعظمه مال لمن حواه في المنام. وإذا رأى الغراب على زرع أو شجر فإنه شؤم، ومن رأى غرابا في داره فإن فاسقا يخونه في امرأته، ومن رأى غرابا يحدثه فإنه

<<  <  ج: ص:  >  >>