للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشعراء:]

بفتح الشين وكسرها، وبالعين المهملة الساكنة، ذباب أزرق أو أحمر، يقع على الإبل والحمير والكلاب، فيؤذيها أذى شديدا. وقيل: ذباب كذباب الكلب. وفي السيرة أن المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنزولهم، استشار أصحابه ودعا عبد الله بن أبي بن سلول، ولم يدعه قبلها قط فاستشاره فقال عبد الله بن أبي وأكثر الأنصار: يا رسول الله أقم بالمدينة ولا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا، ولا دخل علينا إلا أصبنا منه، فكيف وأنت فينا! فدعهم يا رسول الله، فإن أقاموا أقامو بشر مجلس، وإن دخلوا علينا قاتلهم الرجال في وجوههم، ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم، وإن رجعوا رجعوا خائبين. فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرأي، وقال بعض أصحابه: يا رسول الله اخرج بنا إلى هذه الأكلب، لا يرون أنّا جبنا عنهم وضعفنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني رأيت في منامي بقرا تذبح، فأولتها خيرا، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، فأولتها هزيمة، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، فأولتها المدينة، فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة، فافعلوا» .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة، فيقاتلوا في الأزقة، فقال رجال من المسلمين، ممن فاتهم يوم بدر، وأكرمهم الله بالشهادة يوم أحد: اخرج بنا إلى اعداء الله يا رسول الله. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته ولبس لأمته، فلما رأوه قد لبس السلاح، ندموا وقالوا:

بئسما صنعتم، نشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوحي يأتيه! فقالوا: اصنع ما رأيت يا رسول الله، واعتذروا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل» «١» . وكان قد أقام المشركون بأحد الأربعاء والخمسين، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الجمعة بعدما صلى بأصحابه الجمعة، فأصبح بالشّعب من أحد يوم السبت النصف من شوال سنة ثلاث من الهجرة، وكان أصحابه سبعمائة رجل فجعل عبد الله بن جبير وهو أخو خوات بن جبير رضي الله عنهما على الرماة، وكانوا خمسين رجلا، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقيموا بأصل الجبل، وانضحوا عنا بالنبل، حتى لا يأتونا من خلفنا، وإن كانت لنا أو علينا فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، فإنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم» .

فجاءت قريش وعلى ميمنتهم خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنهما، ومعهما النساء يضربن بالدفوف، ويقلن الأشعار، فقاتلوا حتى حميت الحرب، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا وقال: «من يأخذ هذا بحقه ويضرب به العدو حتى ينحني» ؟ فأخذه أبو دجانة سماك بن خرشة رضي الله تعالى عنه، فلما أخذه اعتم بعمامة حمراء، وجعل يتبختر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لمشية يبغضها الله تعالى إلا في هذا الموضع» ، ففلق به هام المشركين. وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على المشركين، فهزموهم. فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة الغنيمة، والله لتأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما أتوهم، صرفت وجوههم، وقال الزبير بن العوام: فلما نظرت الرماة إلى القوم وقد انكشفوا ورأوا أصحابهم ينتهبون الغنيمة، أقبلوا يريدون النهب، فلما رأى خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>