إلى المستكفي، فظن أنهما يريدان تقبيل يده، فمدها إليهما، فجذباه من على السرير وجعلا عمامته في عنقه، ثم سحب إلى معز الدولة واعتقل ثم خلع، وسملت عيناه، وانتهبت دار الخلافة حتى لم يبق فيها شيء. وذلك لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. وتوفي في دار معز الدولة في سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وهو ابن ست وأربعين سنة وكانت خلافته سنة وأربعة شهور.
[خلافة أبي الفضل المطيع لله ابن المقتدر وهو السادس فخلع]
ثم قام بالأمر بعده، ابن عمه أبو الفضل المطيع لله ابن المقتدر بن المعتضد. بويع له بالخلافة وله يومئذ أربع وثلاثون سنة، يوم خلع ابن عمه المستكفي بالله، وتدبير المملكة إلى معز الدولة بن بويه، وفي أيامه توفي معز الدولة ببغداد في سنة ست وخمسين وثلاثمائة. وكانت مدة ملكه بالعراق إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرا. كان ملكا شجاعا مقداما قوي القلب، إلا أنه كان في أخلاقه شراسة، فما زالت التجارب تحنكه والسعادة تخدمه وترفعه، إلى أن بلغ الغاية التي لم يبلغها قبله أحد في الإسلام، إلا الخلفاء.
ولما توفي قام ولده عز الدولة بختيار بتدبير المملكة، وقلده المطيع لله موضع والده، وخلع عليه واستقل بالأمور. وفي أيامه أيضا توفي كافور الاخشيدي صاحب مصر، في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وكانت مدة ملكه اثنتين وعشرين سنة، وفيها قدم جوهر القائد، غلام المعز لدين الله صاحب القيروان، مصر. فأقام الدعوة بها للمعز لدين الله وبايعه بها الناس على ذلك. وانقطعت الخطبة بمصر عن بني العباس، وشرع جوهر القائد في بناء القاهرة لإسكان الجند بها، ثم دخل المعز لدين الله مصر لثمان مضين من شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثمائة. وهو أول الخلفا الفاطميين، بمصر.
ولما تغلب سبكتكين التركي على بغداد، وكان أكبر حجاب معز الدولة، ولم تزل منزلته ترتفع عند معز الدولة، حتى عظم أمره ونفذت كلمته، وخاف المطيع لله منه على نفسه، وانضاف إلى ذلك أنه لازمه مرض، فخلع نفسه من الخلافة طائعا، وسلمها لولده عبد الكريم وقيل أبي بكر وقيل إنها كنيته، وسماه الطائع لله وذلك لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ثم توفي بدير العاقول «١» ، سنة أربع وستين وثلاثمائة وكان بين خلعه وموته شهران.
وكان عمره ثلاثا وستين سنة وكان وطيء الجانب كثير الصدقات، غير أنه كان مغلوبا على أمره وليس له من الخلافة إلا الإسم وكانت خلافته تسعا وعشرين سنة وأربعة شهور رحمة الله تعالى عليه.
[خلافة أبي بكر عبد الكريم الطائع لله]
ثم قام بالأمر بعده، ولده عبد الكريم أبو بكر الطائع لله، بويع له بالخلافة يوم خلع أبوه