للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يمكن اعتبار مدها، والخيل تمدها. والمراد: إذا استوت أعناقها في الطول والقصر والإرتفاع لقوله «١» صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كفرسي رهان كاد أحدهما أن يسبق الآخر بإذنه» . وفي المستدرك وسنن أبي داود وابن ماجة ومسند أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «٢» قال: «من أدخل فرسا بين فرسين، ولا يأمن أن يسبق فليس بقمار، ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار» . والصحيح أن الذمي يمنع من ركوبها، لقوله تعالى: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ

فأمر أولياءه بإعدادها لأعدائه، ولأن ظهورها عز، وهم ضربت عليهم الذلة. وفي وجه أنهم لا يمنعون وينسب لأبي حنيفة مثله. وقال الشيخ أبو محمد الجويني: يمنعون من الشريفة دون البراذين الخسيسة. وألحق الإمام والغزالي البغال النفيسة بالخيل، وجزم به الفوراني ولم يقيده بالنفيسة. ولا زكاة في الخيل عند الجمهور، لقوله «٣» صلى الله عليه وسلم:

«ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» . متفق عليه. وأوجبها أبو حنيفة في إناثها المنفردة أو المجتمعة مع الذكور فعند ذلك صاحبها بالخيار، وإن شاء أعطى عن كل فرس دينارا وإن شاء قومها وأعطى من كل مائتي درهم خمسة دراهم، وإن كانت ذكورا منفردة فلا شيء فيها.

[الأمثال:]

قالوا «٤» : «الخيل ميامين» . أي مباركات. قالوا: «الخيل أعلم بفرسانها» «٥» .

يضرب للرجل يظن أن عنده غناء ولا غناء عنده. ومن كلمات النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يسبق إليها قوله: «يا خيل الله اركبي» . قالها يوم حنين في حديث أخرجه مسلم وهو على حذف مضاف، أراد صلى الله عليه وسلم: «يا فرسان خيل الله اركبي» . وهو من أحسن المجازات، كقوله «٦» تعالى: وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ

قال الجاحظ، في كتاب البيان والتبيين: عن يونس بن حبيب إنه قال: لم يبلغنا من بدائع الكلام ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغلط في هذا الحديث ونسب إلى التصحيف، وإنما قال القائل: ما بلغنا عن البتي، يريد عثمان البتي، فصحف الجاحظ. قالوا: والنبي صلى الله عليه وسلم أجل من أن يخلط مع غيره من الفصحاء حتى يقال:

ما بلغنا عنه من الفصاحة أكثر من الذي بلغنا عن غيره، كلامه أجل من ذلك وأعلى صلى الله عليه وسلم.

[الخواص:]

الخيل إذا سقيت الزرنيخ الأحمر قتلها. وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك في باب الفاء في لفظ الفرس ويأتي طرف من خواصه.

[التعبير:]

الخيل في المنام قوّة وزينة وعز وهي أشرف ما ركب من الدواب، فمن رأى عنده منها شئيا نال قوّة وعزا. وربما دل ذلك على اتساع حاله، وادرار رزقه، وانتصاره على

<<  <  ج: ص:  >  >>