ويتركون الجمعات» . قال الحربي: أظنه أراد يتباعدون عن الأمصار وعن صلاة الجماعة، ويطلبون مواضع اللبن، في المراعي والبراري والبوادي. وقال غيره: أراد قوما أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات.
وفي صحيح البخاري، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن عسب الفحل» «١» . والأشهر في تفسيره أنه ضراب الفحل كما قال الشاعر:
ولولا عسبه لرددتموه ... وشر منيحة فحل يعار
وقيل: المراد ثمن مائه، ففي رواية الشافعي وأحمد وأبي داود، في بعض نسخه، نهى عن ثمن عسب الفحل، وقيل: العسب أجرة ضرابه، فيحرم ثمن مائه. وكذا أجرته في الأصح.
[الأمثال]
: قال العسكري: ومن الأمثال المستحسنة قولهم: «ذلك الفحل لا يقدع أنفه» .
وقد تمثل به ورقة بن نوفل في النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها.
ويقال: بل تمثل به أبو سفيان بن حرب حين خطب النبي صلى الله عليه وسلم ابنته حبيبة رضي الله تعالى عنها.
قال: وأصحاب الحديث يرونه «الفحل لا يقرع أنفه» بالراء، انتهى. قال الشماخ «٢» :
إذا ما استافهنّ ضربن منه ... مكان الرمح من أنف القدوع
قوله: استافهن يعني حمارا يستاف أنثى، فيرمحنه إذا استافهن، والسوف الشم. وقوله: مكان الرمح من القدوع أراد بالقدوع المقدوع، وهذا من الأضداد. يقال: طريق ركوب إذا كانت تركب، ورجل ركوب للدواب إذا كان يركبها، وناقة رغوث إذا كانت ترضع، وحوار رغوث إذا كان يرضع، وشاة حلوب إذا كانت تحلب، ورجل حلوب إذا كان يحلب الشاة، والقدوع هنا البعير قدع أنفه، وهو أن يريد الناقة الكريمة، ولا يكون كريما فيضرب أنفه بالرمح حتى يرجع.
يقال: قدع أنفه عن كذا، أي منع عنه، وأنشد الشيخ شرف الدين الدمياطي في أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب لعبد الله بن يزيد الهلالي:
ما أنجبت نجيبة من فحل ... بجبل نعلمه أو سهل
كسته من بطن أمّ الفضل ... زوجة المصطفى ذي الفضل
خاتم الأنبياء وخير الرسل ... أكرم بها من كهلة وكهل
وقالوا: الفحل يحمي شوله معقولا، والشول تقدم في باب الشين المعجمة أنها النوق، التي جف لبنها وارتفع ضرعها، وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية، الواحدة شائلة، والشول: جمع على غير قياس. ومعقولا نصب على الحال، أي أن الحر يحتمل الأمر الجليل في حفظ أهله وحريمه، وإن كان به علة، وقد تمثل بذلك هاشم بن عتبة بن أبي وقاص أخي سعد بن أبي