الرائحة: فأرة الإبل. عن يعقوب، قال «١» الراعي يصف إبلا:
لها فأرة زفراء كلّ عشية ... كما فتق الكافور بالمسك فاتقه
[وأما الفأرة التي خربت سد مأرب:]
فهي الخلد، وقد تقدم ذكر قصتها، في باب الخاء المعجمة. وروى الحاكم والبيهقي عن مجاهد، في تفسير قوله «٢» تعالى: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها
يعني حتى ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، فيسلم كل يهودي وكل نصراني وكل صاحب ملة، وتأمن الفأرة الهر والشاة الذئب ولا تقرض فأرة جرابا، وتذهب العداوة من الأشياء كلها وذلك ظهور الإسلام على الدين كله.
[الحكم]
: يحرم أكل جميع أنواع الفأر إلا اليربوع، كما سيأتي في بابه، إن شاء الله تعالى، ويكره أكل سؤر الفأر، وقال ابن وهب عن الليث: كان ابن شهاب يعني الزهري يكره أكل التفاح الحامض، وسؤر الفأر، ويقول: إنهما يورثان النسيان، وكان يشرب العسل، ويقول إنه يورث الذكاء. وقد جمع الشيخ علم الدين السخاوي «٣» ما يورث النسيان في أبيات فقال:
نوق خصالا خوف نسيان ما مضى ... قراءة ألواح القبور تديمها
وأكلك للتفاح ما كان حامضا ... وكزبرة خضراء فيها سمومها
كذا المشي ما بين القطار وحجمك ... القفاء ومنها الهمّ وهو عظيمها
ومن ذاك بول المرء في الماء راكدا ... كذلك نبذ القمل لست تقيمها
ولا تنظر المصلوب في حاله صلبه ... وأكلك سؤر الفأر وهو تميمها
[تتمة]
: روى البخاري عن ابن عباس، عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقال «٤» : «ألقوها وما حولها وكلوه» . ورواه أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بمعناه. ورواه الترمذي عنه، ثم قال: وهو غير محفوظ. سمعت البخاري يقول: إنه خطأ، يعني من طريق أبي هريرة.
قلت: والصواب أنه صحيح، ورواه الطحاوي في بيان المشكل عنه، بلفظ: «إن كان جامدا فخذوها وما حولها فألقوه، وإن كان ذائبا فاستصبحوا به» . وإنما لم يدخل البخاري في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «وإن كان مائعا فأريقوه» ، لأنه من رواية معمر عن الزهري، فاستراب بانفراد معمر بها.
والعلماء مجمعون على أن حكم السمن الجامد، تقع فيه الميتة أنها تلقى وما حولها، ويؤكل بقيته. وأما المائع، كالخل والزيت والسمن المائع واللبن والشيرج والعسل المائع، فلا خلاف أنه لا يؤكل، والمشهور جواز الاستصباح به لكن يكره، وقيل: لا يجوز، لقوله «٥» تعالى: وَالرُّجْزَ