الرماد، ثم دعا الله تعالى فقال: أي رب قد ترى اختلاف هؤلاء، فابعث لهم ما يبين لهم.
فبعث الله أصحاب الكهف، فبعثوا أحدهم يشتري لهم طعاما، فدخل السوق فجعل ينكر الوجوه، ويعرف الطريق ويرى الإيمان بالمدينة ظاهرا فانطلق وهو مستخف، حتى أتى رجلا يشتري منه الطعام، فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها. قال: حسبت أنه قال: كأنها أخفاف الربع، يعني الإبل الصغار. فقال الفتى: أليس ملككم فلانا؟ قال: لا بل ملكنا فلان. فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك، فسأله الملك فأخبره الفتى خبر أصحابه. فبعث الملك في الناس فجمعهم، فقال: إنكم قد اختلفتم في الروح والجسد، وإن الله قد بعث لكم آية، فهذا الرجل من قوم فلان يعني ملكهم الذي مضى، فقال الفتى: انطلقوا معي إلى أصحابي، فلما أبصرهم ضرب على آذانه وآذانهم، فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل معه الناس، فإذا أجساد لا ينكرون منها شيئا غير أنها لا أرواح فيها! فقال الملك: هذه آية بعثها الله لكم.
قال قتادة: وغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة، فمروا بالكهف فإذا فيه عظام، فقال رجل: هذه عظام أهل الكهف. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لقد ذهبت عظامهم منذ أكثر من ثلاثمائة سنة. وقال وهب والسدي وغيرهما: وأسماؤهم مكسلمينا وهو أكبرهم ورئيسهم، وأمليخا وهو أجملهم وأعبدهم وأنشطهم، ومرطونس، ويوناس، وساربنوس، وبطنيوس وكندسلططنوس، وكلبهم قطمير يكتب ذلك للنوم ولبكاء الأطفال.
ومما يكتب لنوم الصبيان وبكائهم: أعوذ بكلمات الله التامات التي نام بها أصحاب الكهف والرقيم، الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، اللهم الق النوم والسكينة على حامل هذا الكتاب، بألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[فائدة أخرى]
: وقد تقدمت قبل ذلك، وهي عن عمرو بن دينار أنه قال: مما أخذ على العقرب أن لا تضر أحدا في ليل أو نهار أن يصلي على نوح صلى الله عليه وسلم. ومما أخذ على الكلب، أن لا يضر أحدا حمل عليه في ليل أو نهار، إذ قرأ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
«١» إلى هنا انتهى ما تقدم.
وقال القرطبي في كتاب التذكار في أفضل الأذكار: بلغنا عمن تقدم أن في سورة الرحمن آية تقرأ على الكلب إذا حمل على الإنسان، وهي قوله تعالى: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ
«٢» فإنه لا يؤذيه بإذن الله تعالى. وفي تاريخ الإسلام للذهبي في سنة ثلاثمائة أن ممشاد الدينوري رحمه الله تعالى، خرج من داره فنبحه كلب، فقال: لا إله إلا الله فمات الكلب مكانه.
[الحكم]
: يحرم أكل الكلاب بجميع أنواعها إلا ابن آوى، فإنه من جنس الكلاب وفيه خلاف سبق في باب الهمزة. وروى ابن عبد البر، في التمهيد، عن الشعبي، أنه سئل عن رجل