حتى وقع في المسجد الحرام، قريبا من زمزم مقابل الحجر الأسود، فمكث ساعة طويلة ثم طار، حتى صدم الكعبة في نحو وسطها بين الركن اليماني والحجر الأسود، وهو إلى الحجر الأسود أقرب. ثم وقع على منكب رجل في الطواف عند الحجر الأسود، من الحاج من أهل خراسان محرم، فلبى وهو على منكبه الأيمن، فطاف به الرجل أسابيع، والناس يدنون منه وينظرون إليه وهو ساكن غير مستوحش منهم، والرجل الذي هو عليه يمشي في الطواف في وسط الناس، وهم ينظرون إليه ويتعجبون، وعينا الرجل تدمعان على خديه ولحيته.
قال عبد الله بن ربيعة: رأيته على منكبه الأيمن، والناس يدنون منه وينظرون إليه، فلا ينقل منهم ولا يطير، فطفت أسابيع ثلاثة كل ذلك أخرج من الطواف فأركع خلف المقام، ثم أعود وهو على منكب الرجل. قال: ثم جاء إنسان من أهل الطواف، فوضع يده عليه فلم يطر، وطاف به بعد ذلك ثم طار هو من قبل نفسه حتى وقع على يمين المقام، ومكث ساعة طويلة وهو يمد عنقه ويقبضها إلى جناحه، والناس ينظرون إليه، فأقبل فتى من الحجبة فضرب بيده فيه فأخذه ليريه رجلا منهم كان يركع خلف المقام، فصاح الطير في يده أشد صياح، بصوت لا يشبهه أصوات الطيور، ففزع منه وأرسله من يده فطار حتى أتى بين يدي دار الندوة، خارجا من الظلال، قريبا من الأسطوانة الحمراء، واجتمع الناس ينظرون إليه، وهو مستأنس في ذلك كله غير مستوحش من الناس، ثم طار من قبل نفسه فخرج من باب المسجد الذي بين دار الندوة ودار العجلة نحو قعيقعان، وقد تقدم في باب الهمزة، في الأديم ما ذكره الأزرقي مما يشبه هذا.
[الككم:]
طائر بأرض طبرستان حسن موشى حسن العينين جدا سمي باسم صياحه الذي يصيحه، وربما اصطاد العصافير وصغار الطير مما يكون في الآجام والمياه وغيرها، لكن لا في جميع السنة بل في فصل الربيع، فإذا صاح اجتمعت عليه العصافير وصغار الطيور مما يكون في الآجام والمياه، وغيرها فتزقه من أول النهار فإذا كان آخر النهار أخذ واحدا منها فأكله، فذلك فعله في كل يوم إلى أن ينقضي فصل الربيع، فإذا انقضى انعكست عليه، فلا تزال تجتمع عليه وتطرده وتضربه، وهو يهرب منها ولا يسمع له صوت، إلى فصل الربيع الآخر. وذكر علي بن زيد الطبري صاحب فردوس الحكمة أن هذا الطائر لا يكاد يرى قدماه على الأرض، بل يطأ على إحدى رجليه على البدن. وذكر الجاحظ أن الككم من عجائب الدنيا، وأنه لا يطأ على الأرض بقدميه جميعا خشية أن تنخسف من تحته، كما تقدم في الكركي. ومثل هذا يأتي إن شاء الله تعالى في مالك الحزين والنحام.
[الكلب:]
حيوان معروف، وربما وصف به فقيل للرجل كلب وللمرأة كلبة، والجمع أكلب وكلاب وكليب، مثل أعبد وعباد وعبيد وهو جمع عزيز. والأكالب جمع أكلب قال ابن سيده: وقد قالوا في جمع كلب كلابات. قال الشاعر:
أحبّ كلب في كلابات الناس ... إلي نهجا كلب أمّ عباس
وكلاب اسم رجل من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم وهو كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.