وقالا في كتاب السلم: يجوز السلم في العنبر، ولا بد من بيان أنواعه ووزنه، فالعنبر منه الأشهب والأبيض والأخضر والأسود ولا يجوز حتى يسمى ذلك. وقال الشافعي: يجوز بيع العنبر، وقال أهل العلم به: إنه نبات والنبات لا يحرم منه شيء. قال: وحدثني بعضهم، أنه ركب البحر فوقع إلى جزيرة فيه، فنظر إلى شجرة مثل عنق الشاة، فإذا ثمرها عنبر، قال: فتركناه حتى يكبر ثم نأخذه، فهبت الريح فألقته في البحر. قال الشافعي: والسمك ودواب البحر تبتلعه أول ما يقع منه، لأنه لين، فإذا ابتلعته قلما تسلم منه إلا قتلها لفرط الحرارة فيه، فإذا أخذ الصياد السمكة، وجده في بطنها فيقدر أنه منها، وإنما هو ثمر نبت.
[وأما خواصه]
: فقال المختار بن عبدون: العنبر حار يابس، وهو دون المسك، وأجوده الأشهب الخفيف الدسم، وهو يقوي القلب والدماغ، ويزيد في الروح وينفع من الفالج واللقوة والبلغم الغليظ، ويولد شجاعة، لكنه يضر من اعتاده الباسور، وتدفع مضرته بالكافور وشم الخيار. ويوافق الأمزجة الباردة الرطبة والمشايخ، وأجوده ما استعمل في الشتاء. قالوا: والعنبر جماجم أكبرها ألف مثقال، تبرز من عيون في البحر وتطفو على الماء، فيسقط عليها الطير فتأكلها فتهلك. وقيل: إنه روث دابة، وقيل: إنه من غثاء البحر، وأجوده الأشهب وضده الخمري وله زهومة لابتلاع السمك، ويتصفى منه عند عمله رمل والله تعالى أعلم.
[العنتر:]
الذباب الأزرق، وقيل: مطلق الذباب. وفي الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، في حديثه الطويل المشتمل على كرامات ظاهرة للصديق رضي الله تعالى عنه، ومعناه أن الصديق ضيف جماعة، وأجلسهم في محله، وانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأخر رجوعه، فلما رجع قال: أعشيتموهم؟ قالوا: لا. فأقبل على ابنه عبد الرحمن وقال: يا عنتر، فجدع وسب ومعناه دعا عليه بقطع الأنف ونحوه. وجاء يا عنيتر مصغرا شبهه بذلك تحقيرا له، وقيل: شبهه بالذباب الأزرق لشدة أذاه. وروي بالغين المعجمة وبالثاء المثلثة وهو الأكثر، ومعناه: يا لئيم. وعنترة اسم رجل وهو عنترة بن شداد بن معاوية العبسي، وهو أحد فرسان العرب وشعرائها ومتيميها، وهو من أبطال الجاهلية، ويضرب المثل بشجاعته. قال سيبويه: نون عنترة ليست زائدة.
[العندليب:]
الهزار بفتح الهاء، والجمع العنادل لأنك ترده إلى الرباعي ثم تبني منه الجمع والتصغير، والبلبل يعندل إذا صوت. وما أحسن قول «١» أبي سعيد المؤيد بن محمد الأندلسي الشاعر المجيد في وصف طنبور:
وطنبور مليح الشكل يحكي ... بنغمته الفصيحة عندليبا
روى لما ذوى نغما فصاحا ... حواها في تقلبه قضيبا
كذا من عاشر العلماء طفلا ... يكون إذا نشأ شيخا أديبا