والاها في يد نصر بن أحمد الساماني، واليمامة وهجر والبحرين في يد أبي طاهر القرمطي، وطبرستان وجرجان في يد الديلم. ولم يبق في يد الراضي وابن رائق سوى بغداد وما والاها فبطلت دواوين المملكة، ونقص قدر الخلافة وضعف ملكها. وعم الخراب لذلك.
وتوفي الراضي ليلة السبت خامس عشر ربيع الأول، سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بعلة الاستسقاء والتنحنح. وكان أكبر أسباب علته من كثرة الجماع، وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة وأشهر، وخلافته ست سنين وعشرة أشهر. وكان سمحا جوادا، واسع الصدر أديبا شاعرا، حسن البيان. وقيل: إن عمره كان اثنتين وثلاثين سنة وخلافته ست سنين وعشرة أيام كان قصيرا أسمر نحيفا، وله شعر جيد مدون. وخطب بالناس في سامرا فأبلغ وأجاد، ومرض أياما ثم قاء دما كثيرا ومات.
[خلافة ابراهيم المتقي بالله]
ثم قام بالأمر بعده، أخوه أبو العباس إبراهيم المتقي بالله بن المقتدر بن المعتضد. بويع له بالخلافة يوم موت أخيه الراضي، فصلى ركعتين وصعد على السرير. وكان ذا دين وورع، ولهذا لقبوه المتقي بالله، فكان تدبير المملكة إلى الأمير حكم التركي وليس للمتقي إلا الإسم. ثم إن نوروز استولى على بغداد وخلع المتقي بالله وسلمه لابن عمه المستكفي بالله، فأخرجه إلى جزيرة بقرب السندية، وأكحله بعد أن أشهد على نفسه بالخلع. وذلك يوم السبت لعشر بقين من صفر، سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وكانت خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا، وقيل: كانت أربع سنين وتوفي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. وكان مولده في سنة سبع وتسعين ومائتين فأبوه أكبر بخمس عشرة سنة. وكان كثير الصوم والتهجد يدمن التلاوة في المصحف ولا يشرب مسكرا وعاش بعد خلعه أربعا وعشرين سنة.
[خلافة عبد الله المستكفي بالله بن المكتفي]
ثم قام بالأمر بعده، ابن عمه أبو العباس عبد الله المستكفي بالله بن المكتفي بن المعتضد.
بويع له بالخلافة يوم خلع ابن عمه المتقي بالله، ولما ولي الخلافة خلع على نوروز وفوض إليه تدبير المملكة. وفي أيامه قدم معز الدولة ابن بويه بغداد، فخلع عليه وفوض إليه ما وراء بابه، وضرب السكة بإسمه، وأمر أن يخطب له على المنابر، ولقبه بمعز الدولة، ولقب أخاء أبا الحسن عليا بعماد الدولة، وهو أكبر بني بوية، له خبر عجيب سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحاء المهملة، في لفظ الحية. ولقب أخاهم أبا الفتح بركن الدولة، وهو أوسطهم. وله خبر عجيب أيضا يأتي إن شاء الله تعالى في باب الدال المهملة في لفظ الدابة.
وكان قدوم معز الدولة في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وفيها كان خلع المستكفي بالله، وسبب ذلك أن معز الدولة بلغه أن المستكفي قد دبر على هلاكه، فدخل على المستكفي وقبل الأرض ثم قبل يديه، فطرح له كرسي فجلس عليه، ثم تقدم لديه جلان من الديلم ومدا أيديهما