للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالت لها عائشة رضي الله تعالى عنها: ما هذا البيت الذي أسمعه منك: فقالت شهدت عروسا لنا تجلى، إذ دخلت مغتسلا لنا وعليها وشاح، فوضعته فجاءت الحديا فأبصرت حمرته فأخذته، ففقدوا الوشاح فاتهموني به ففتشوني حتى قبلي فدعوت الله أن يبرئني «فجاءت الحديا بالوشاح حتى ألقته بينهم» «١» . كذا قيده الأصيلي الحديا على وزن الثريا. وروي من طريق الصاغاني وغيره: الحدياة بغير همزة والحديئة بالهمز. وفي رواية فرفعت رأسي وقلت يا غياث المستغيثين فما أتممتهن، حتى جاء غراب فرمى الوشاح، أو قالت فألقى الوشاح بيننا فلو رأيتني يا أم المؤمنين وهن حولي يقلن: اجعلينا في حل، فنظمت ذلك في بيت، فأنا أنشده لئلا أنسى النعمة فأترك شكرها. وروى الحافظ النسفي في كتاب فضائل الأعمال بإسناده إلى حماد بن سلمة، أن عاصم بن أبي النجود، شيخ القراء، في زمانه قال: أصابتني خصاصة «٢» فجئت إلى بعض إخواني فأخبرته بأمري فرأيت في وجهه الكراهة، فخرجت من منزله إلى الجبانة فصليت ما شاء الله، ثم وضعت وجهي على الأرض، وقلت: يا مسبب الأسباب، يا مفتح الأبواب، يا سامع الأصوات، يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. قال: فو الله ما رفعت رأسي حتى سمعت وقعة بقربي فرفعت رأسي فإذا حدأة طرحت كيسا أحمر فأخذت الكيس فإذا فيه ثمانون دينارا جوهرة ملفوفة في قطنة مندوفة. قال: فبعت الجوهرة بمال عظيم وفضلت الدنانير فاشتريت بها عقارا وحمدت الله على ذلك انتهى. وحكى القشيري في الرسالة، في آخر باب كرامات الأولياء، عن شبل المروزي أنه اشترى لحما بنصف درهم فاستلبته منه حدأة فدخل شبل مسجدا يصلي فيه، فلما رجع إلى منزله قدمت له زوجته لحما، فقال لها من أين لكم هذا؟ فقالت: تنازع حدأتان فسقط هذا منهما! فقال شبل: الحمد لله الذي لم ينس شبلا، وإن كان شبل ينساه. وفي كتاب المجالسة للدينوري، في الجزء الثالث، عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، قال: كان سعد بن أبي وقاص بين يديه لحم، فجاءت حدأة فأخذته فدعا عليها سعد فاعترض عظم في حلقها فوقعت ميتة انتهى. وروينا بالسند الصحيح أن الشيخ عبد القادر الجيلي قدس الله روحه، جلس يوما يعظ الناس، وكانت الريح عاصفة، فمرت على مجلسه حدأة طائرة، فصاحت فشوشت على الحاضرين ما هم فيه، فقال الشيخ: يا ريح خذي رأس هذه الحدأة فوقعت لوقتها في ناحية ورأسها في ناحية فنزل الشيخ عن الكرسي وأخذها بيده، وأمر يده الأخرى عليها. وقال: بسم الله الرحمن الرحيم فحييت وطارت والناس يشاهدون ذلك.

[الحكم:]

يحرم أكلها لأنها من الفواسق الخمس المأمور بقتلها. قال الخطابي: المراد بفسقها تحريم أكلها. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الفاء في لفظ الفأر بيان ذلك. وفي الصحيحين من حديث ابن عمر وعائشة وحفصة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٣» : «خمس

<<  <  ج: ص:  >  >>