حدأة بفتح الحاء، لأنها الفاس التي لها رأسان وقد جاء في الحديث الحديا على وزن الثريا، كذا قيده الأصيلي. وقد جاء الحدياة بغير همز وفي بعض الروايات الحديثة بالهمزة كأنه تصغير. ذكره الصاغاني قال: وصواب تصغيره الحديثة بالهمز وإن ألقيت حركة الهمزة على الياء شددتها، وقلت: الحدية على مثال عليه. وفي الحديث لا بأس بقتل الحدو والإفعو، قال الأزهري: هي لغة فيهما. وقال ابن السراج: بل هي على مذهب الوقف لا على هذه اللغة قلب الألف واوا على لغة من قال حدا وكذا أفعى انتهى. وقال الأصمعي: جمع الحدأة حدأ كلبا وزاد ابن قتيبة وحدآن.
قال الجوهري: هي مثل عنبة وعنب وقد قال في ع ن ب الحبسة من العنب عنبة وهو بناء نادر لأن الأغلب على هذا البناء الجمع نحو قرد وقردة وفيل وفيلة وثور وثورة. إلا أنه قد جاء للواحد، وهو قليل نحو العنبة والتولة والطيبة والخيرة والطيرة ولا أعرف غيره انتهى. وهو قد ذكر ذلك في حدأة كما تقدم والطيبة المغنم الهنيء والتولة ما تحبب به المرأة لزوجها، والخيرة والطيرة معروفتان. قلت: وقد يرد عليه ثومة جمعه ثوم وذبحة وهو وجع في الحلق ومنة وهو العنكبوت، ورمخة وهي البلحة وضمخة وهي السمينة وهننة وهي نوع من القنافذ وتيمة وهي شجرة بوادي إبراهيم بالحجاز، والحدأة تبيض بيضتين، وربما باضت ثلاثا، وخرج منها ثلاثة أفراخ، وتحضن عشرين يوما، ومن ألوانها السود والرمد وهي لا تصيد وإنما تخطف. ومن طبعها أنها تقف في الطيران، وليس ذلك لغيرها من الكواسر. وزعم ابن وحشية وابن زهر أن العقاب والحدأة يتبدلان فيصير العقاب حدأة والحدأة عقابا. وفي نسخة الغراب بدل العقاب فسبحان القادر على ما يشاء. ويقال: إنها أحسن الطير مجاورة لما جاورها من الطير، فلو ماتت جوعا لا تعدو على فراخ جارها وتزعم رواة الأخبار ونفلة الآثار أنها كانت من جوارح سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، وإنما امتنعت من أن تؤلف أو تملك لأنها من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده.
والسبب في صياحها عند سفادها أن زوجها قد جحد ولدها منه، فقالت: يا نبي الله قد سفدني حتى إذا حضنت بيضي وخرج منه ولدي جحدني. فقال سليمان عليه السلام للذكر: ما تقول؟ فقال: يا نبي الله إنها تحوم البراري ولا تمتنع من الطير فلا أدري أهو مني أو من غيري! قال: فأمر سليمان عليه السلام بإحضار الولد فوجده شبه والده فألحقه به. ثم قال لها سليمان عليه السلام: لا تمكنه أبدا حتى تشهدي عليه ذلك الطير لئلا يجحد بعدها. فصارت إذا سفدها صاحت وقالت: يا طيور اشهدوا فإنه سفدني اهـ-. وتقول في صياحها كل شيء هالك إلا وجهه وهي طرشاء ولو كانت مما يصاد بها لما كان من الكواسر أحسن صيدا منها، ولا أجل ثمنا. ومن طبعها أنها لا تخطف إلا من يمين من تخطف منه، دون شماله، حتى إن بعض الناس يقول: إنها عسراء لأنها لا تأخذ من شمال إنسان شيئا. وقال القزويني: إنها سنة ذكر وسنة أنثى. وفي صحيح البخاري وغيره أن أعرابية كانت تخدم نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكانت كثيرا ما تتمثل بهذا البيت «١» .
ويوم الوشاح من أعاجيب ربنا ... على أنه من ظلمة الكفر نجاني