للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال «١» : «خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة» . قال عمران: فكأني أراها الآن ورقاء تمشي في الناس، ما يعرض لها أحد. وفي رواية: لا تصحبنا ناقة عليها لعنة الله. قال ابن حبان: إنما أمر صلى الله عليه وسلم بإرسالها، لأنه عليه السلام تحقق إجابة الدعوة فيها، فمتى علم استجابة الدعاء من لاعن ما أمرناه بإرسال دابته، ولا سبيل إلى علم هذا لانقطاع الوحي فلا يجوز استعمال هذا الفعل لأحد أبدا. وقيل: إنما قال صلى الله عليه وسلم هذا زجرا لها ولغيرها. وقد كان سبق نهيها ونهي غيرها عن اللعن، فعوقبت بإرسال الناقة. والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق.

وأما بيعها وذبحها وركوبها في غير تلك الطريق، وغير ذلك من التصرفات، التي كانت جائزة قبل هذا فهي باقية على الجواز، لأن النهي إنما ورد في المصاحبة، فيبقى الباقي كما كان.

والورقاء بالمد التي يخالط بياضها سواد، والذكر أورق.

وقد ورد في النهي عن اللعن أحاديث، منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» . وفيه أيضا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا» .

وفي رواية «٣» الترمذي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذي» .

وفي سنن أبي داود عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، فتهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن، فإن كان أهلا لذلك نزلت عليه وإلا رجعت إلى قائلها» . وفي شعب البيهقي، أن عبد الله بن أبي الهذيل كان إذا لعن شاة لم يشرب من لبنها، وإذا لعن دجاجة لم يأكل من بيضها.

[فائدة]

: وأما قوله تعالى: ناقَةُ اللَّهِ*

«٤» فهو إضافة خلق إلى خالق تشريفا وتخصيصا، قيل:

إن صالحا عليه الصلاة والسلام أتى بالناقة من قبل نفسه، وقال الجمهور: بل سألوه أن يدعو ربه أن يخرج لهم آية من صخرة يقال لها الكائبة ناقة عشراء، فدعا الله فانشقت عن ناقة عظيمة، يروى أنها كانت حاملا، فولدت وهم ينظرون إليها سقبا قدرها، فعقرها قدار بن سالف، وهو أشقى الأولين. فَتَعاطى فَعَقَرَ

«٥» أي قام على أطراف أصابع رجليه، ثم رفع يديه فضربها.

روي أن سيد ثمود جندع بن عمرو قال: يا صالح أخرج لنا من هذه الصخرة، لصخرة منفردة في ناحية الحجر، يقال لها الكائبة، ناقة مخترجة جوفاء وبراء عشراء. فصلى صالح ركعتين، ودعا ربه، فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها، ثم تحركت فانصدعت عن ناقة مخترجة

<<  <  ج: ص:  >  >>