للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام النووي: إذا اصطاد الحاوي حية وحبسها معه على عادتهم، فلسعته فمات هل يأثم؟

فأجاب. إن صادها ليرغب الناس، في اعتماد معرفته، وهو صادق في صنعته، ويسلم منها في ظنه، ولسعته فمات لم يأثم. وإن انفلتت وأتلفت شيئا لم يضمنه.

وروى الإمام أحمد، في الزهد، أن حاويا معه حيات في خرج، نزل بقوم من أهل اليمن، فخرج بالليل بعض الحيات، فلسعت بعض أهل المنزل فقتلته. فكتب بذلك عامل اليمن إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى، فقال: لا شيء عليه لكن مره إذا نزل بقوم أن يخبرهم بما معه، وفي كتاب الأربعين على مذهب المحققين من الصوفية، للإمام الحافظ أبي مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان الأصبهاني، بإسناده إلى عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه، قال:

أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بعمامتي من ورائي، وقال: «يا عمران إن الله يحب الإنفاق ويبغض الإقتار فأنفق وأطعم، ولا تعسر فيعسر عليك الطلب، واعلم أن الله يحب البصير الناقد عند هجم الشبهات، والعقل الكامل عند نزول البليات، ويحب السماحة ولو على تمرات، ويحب الشجاعة ولو على قتل حية» .

[الأمثال:]

قالوا: «فلان أسمع من حية وأعدى من حية» «١» . وهو من العدو لأنها تسرع إلى جحرها إذ أراعها شيء.

روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحية إلى جحرها» «٢» . وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها» . أي مسجدي مكة والمدينة، ومعنى يأرز ينضم ويجتمع بضعه إلى بعض، ومعناه أن المؤمن إنما يسوقه إلى المدينة إيمانه ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن يكون المراد بذلك:

عصمة المدينة من الدجال والفتن، فيكون الإسلام فيها موقرا، ويحتمل أن يكون المراد بذلك رجوع الناس إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها ظهرت ويحتمل أن يكون المراد بذلك أن الدين يؤخذ من علمائها وأئمتها، وكذلك كان. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الميم، في لفظ المطية حديث الترمذي إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوشك أن يضرب الناس آباط المطي في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة» . وقالوا: «أبغض من ريح السذاب إلى الحيات» «٣» ، وقالوا: «الحية من الحيية» . أي الأمر الكبير من الصغير، وربما قالوا: «الحيوت من الحية» وهذا كقولهم: «العصا من العصية» «٤» . وقد جاء معنى المثلين في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً

«٥» . كذا ذكره ابن الجوزي وغيره.

[الخواص:]

قال عيسى بن علي: ناب الحية إذا قلع في حياتها وعلق على صاحب حمى الربع

<<  <  ج: ص:  >  >>