للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة إنما هي من متاع البيت» .

[فرع]

: إذا كان للإنسان هرة تأخذ الطيور، وتقلب القدور، فأفلتت وأتلفت، فهل على صاحبها ضمان ما أتلفت؟ وجهان، أصحهما: نعم. سواء أتلفت ليلا أو نهارا، لأن مثل هذه الهرة ينبغي أن تربط ويكف شرها. وكذا الحكم في كل حيوان يولع بالتعدي، أما إذا لم يعهد منها ذلك، فالأصح لا ضمان،، لأن العادة جرت بحفظ الطعام عنها، لا بربطها. وأطلق إمام الحرمين في ضمان ما تتلفه الهرة أربعة أوجه: أحدها يضمن، والثاني لا، والثالث يضمن ليلا لا نهارا، والرابع عكسه: لأن الأشياء تحفظ عنها ليلا.

وإذا أخذت الهرة حمامة أو غيرها وهي حية، جاز فتل أذنها وضرب فمها، لترسلها فإذا قصدت الحمام فأهلكت بالدفع، فلا ضمان. فإذا كانت الهرة ضارية بالإفساد فقتلها إنسان في حال إفسادها دفعا جاز ولا ضمان عليه، كقتل الصائل دفعا، وينبغي تقييد ذلك، بما إذا لم تكن حاملا لأن في قتل الحامل قتل أولادها، ولم يتحقق منهم جناية.

وأما قتلها في غير حالة الإفساد، ففيه وجهان: أصحهما عدم الجواز ويضمنها. وقال القاضي حسين: يجوز قتلها ولا ضمان عليه فيها، وتلحق بالفواسق الخمس فيجوز قتلها، ولا يختص بحال ظهور الشر، وسؤرها طاهر لطهارة عينها، ولا يكره، فلو تنجس فمها ثم ولغت في ماء قليل، فثلاثة أوجه: الأصح أنها إن غابت واحتمل ولوغها في ماء يطهر فمها، ثم ولغت لم تنجسه، والثاني تنجسه مطلقا، والثالث عكسه وغير الماء من المائعات كالماء.

[الأمثال]

: قالوا: «أبر من هرة» «١» أرادوا بذلك أنها تأكل أولادها من شدة الحب لهم قال الشاعر:

أما ترى الدهر وهذا الورى ... كهرة تأكل أولادها

وقالوا: «فلان لا يعرف هر من بر» «٢» قال ابن سيده: يعني لا يعرف الهر من الفار. وقال الزمخشري: لا يعرف من يكرهه ممن يبره، وما أحسن قول «٣» أحمد بن فارس صاحب المجمل في اللغة، وكانت وفاته سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة:

إذا ازدحمت هموم الصدر قلنا ... عسى يوما يكون لها انفراج

نديمي هرتي وأنيس نفسي ... دفاتر لي ومعشوقي السراج

قال شيخنا اليافعي رحمه الله تعالى: أخبرني بعض الصالحين من أهل اليمن، أن هرة كانت تأتي الشيخ العارف الأهدل بالدال المهملة، فيطعمها من عشائه، وكان اسمها لؤلؤة، فضربها خادم الشيخ ذات ليلة فماتت، فرمى بها الخادم في خرابة، لئلا يعلم الشيخ بذلك، فلما جاء الشيخ سكت عنه ليلتين أو ثلاثا، ثم قال: أين لؤلؤة؟ فقال: ما أدري، فقال الشيخ: ما تدري، ثم ناداها

<<  <  ج: ص:  >  >>