عليكم والطوفات» .
قال الإمام النووي، في شرح المهذب: وبيع الهرة الأهلية جائز بلا خلاف عندنا، إلا ما حكاه البغوي، في شرح مختصر المزني، عن ابن القاص، أنه قال: لا يجوز، وهذا شاذ باطل مردود، والمشهور جوازه وبه قال جماهير العلماء.
قال ابن المنذر: أجمعت الأمة على جواز اتخاذها، ورخص في بيعها ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو حنيفة، وسائر أصحاب الرأي.
وكرهت طائفة بيعها منهم: أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد.
وقال ابن المنذر: إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيعه، فبيعه باطل، وإلا فجائز.
احتج من منعه بحديث ابن الزبير، قال: سألت جابرا رضي الله تعالى عنه عن ثمن الكلب والسنور، فقال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. رواه مسلم.
وفي سنن «١» أبي داود والترمذي وابن ماجه من حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن ثمن الهر» .
واحتج أصحابنا بأنه طاهر منتفع به ووجد فيه جميع شروط البيع، فجاز بيعه كالحمار والبغل، والجواب عن الحديثين من وجهين أحدهما: جواب أبي العباس بن القاص والخطابي والقفال وغيرهم، أن المراد الهرة الوحشية، فلا يصح بيعها، لعدم الانتفاع بها، إلا على الوجه الضعيف القائل بجواز أكلها، والثاني أن المراد نهي تنزيه. فهذان الجوابان هما المعتمدان. وأما ما ذكره الخطابي وابن عبد البر، أن الحديث ضعيف فغلط منهما لأن الحديث في صحيح مسلم بإسناد صحيح كما تقدم بيانه، في باب السين المهملة.
وفي السنن «٢» الأربعة، من حديث كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت بعض ولد أبي قتادة، أن أبا قتادة رضي الله تعالى عنه، دخل فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة فشربت منه، فأصفى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟
فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات» . والطوافون الخدم، والطوافات الخادمات، جعلها بمنزلة المماليك في قوله تعالى «٣» :
وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ
. ومنه قول إبراهيم النخعي: إنما الهرة كبعض أهل البيت.
كذا نقله الزمخشري.
وفي المستدرك وسنن ابن ماجه وكامل بن عدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٤» : «الهرة لا تقطع