سئل مالك عنه فقال: أنتم تسمونه خنزيرا يعني أن العرب لا تسميه بذلك لأنها لا تعرف في البحر خنزيرا والمشهور أنه الدلفين. وسيأتي إن شاء الله في باب الدال المهملة قال الربيع: سئل الشافعي رضي الله تعالى عنه عن خنزير الماء فقال: يؤكل. وروي أنه لما دخل العراق قال فيه: حرمه أبو حنيفة وأحله ابن أبي ليلى. وروي هذا القول عن عمرو عثمان وابن عباس وأبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، والحسن البصري والأوزاعي والليث وأبى مالك أن يقول فيه شيئا وأبقاه مرة أخرى على جهة الورع. وحكى ابن أبي هريرة عن ابن خيران أن اكارا صاد له خنزير ماء، وحمله إليه فأكله وقال: كان طعمه موافقا لطعم الحوت سواء. وقال ابن وهب: سألت الليث بن سعد عنه، فقال: إن سماه الناس خنزيرا لم يؤكل لأن الله حرم الخنزير.
[الخنفساء:]
معروفة، وكان من حقها أن تكتب قبل هذا لأن نونها زائدة وهي بفتح الفاء ممدودة الأنثى خنفساءة وقال ابن سيده: الخنفساء دويبة سوداء أصغر من الجعل منتنة الريح.
والأنثى خنفسة وخنفساءة وضم الفاء في كل ذلك لغة. والخنفس إسم للكثير من الخنافس. وقال الأصمعي: لا يقال خنفساءة بالهاء وكنيتها أم القسور وأم الأسود، وأم مخرج وأم اللجاج، وأم التن، تتولد من عفونة الأرض وهي طويلة الظمأ وبينها وبين العقرب صداقة، ولهذا يسميها أهل المدينة الشريفة جارية العقرب.
وهي أنواع منها الجعل وحمار قبان، وبنات وردان، والحنطب وهو ذكر الخنافس، والخنفساء مخصوصة بكثرة الفسو كالظربان ولذلك تقول العرب في أمثالها «١» : «إذا تحركت الخنفساء فست» .
قال حنين بن إسحاق: طريق طرد الخنافس أن يطرح في أماكنها الكرفس فإنها تهرب من ذلك المكان. وروى ابن عدي في كامله في ترجمة أبي معشر وإسمه نجيح عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «ليدعن الناس فخرهم في الجاهلية، أو ليكونن أبغض إلى الله تعالى من الخنافس» .
[غريبة:]
حكى القزويني أن رجلا رأى خنفساء فقال: ماذا يريد الله تعالى من خلق هذه؟
ألحسن شكلها أو لطيب ريحها! فابتلاه الله تعالى بقرحة عجز عنها الأطباء حتى ترك علاجها، فسمع يوما صوت طبيب من الطرقيين ينادي في الدرب، فقال: هاتوه حتى ينظر في أمري، فقالوا: وما تصنع بطرقي وقد عجز عنك حذاق الأطباء! فقالى: لا بد لي منه، فلما أحضروه ورأى القرحة استدعى بخنفساء، فضحك الحاضرون منه، فتذكر العليل القول الذي سبق منه، فقال: احضروا له ما طلب فإن الرجل على بصيرة من أمره، فأحضروها له، فأحرقها وذر رمادها على قرحته فبرىء بإذن الله تعالى. فقال للحاضرين: إن الله تبارك وتعالى أراد أن يعرفني أن أخس المخلوقات أعز الأدوية.
وحكى:«٣» ابن خلكان في ترجمة جعفر بن جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي أنه