يأمر بإعطاء المغني والنديم، فلا ينفذ الفضل ذلك، فحقد المعتصم عليه، لذلك ونكبه أهل بيته، وجعل مكانه محمد بن عبد الملك الزيات «١» . وكان الفضل مذموم الأخلاق، فلما نكب شمت به الناس حتى قال فيه بعضهم:
لتبك على الفضل بن مروان نفسه ... فليس له باك من الناس يعرف
لقد صحب الدنيا منوعا لخيرها ... وفارقها وهو الظلوم المعنف
إلى النار فليذهب ومن كان مثله ... على أي شيء فاتنا منه نأسف
ولما نكب المعتصم الفصل بن مروان قال: عصى الله في طاعتي، فسلطني عليه. وكان المعتصم قد أخذ ماله ولم يتعرض لنفسه. وقيل: إنه أخذ من داره ألف ألف دينار، وأثاثا وآنية بألف ألف دينار، وحبسه خمسة أشهر وأطلقه. فخدم بعد ذلك جماعة من الخلفاء وتوفي سنة خمسين ومائتين.
ومن كلامه: لا تتعرض لعدوك وهو مقبل، فإن إقباله يعينه عليك، ولا تتعرض له وهو مدبر فإن أدباره يكفيك أمره.
[فائدة أخرى أدبية]
أيضا قد تقدمت الإشارة إليها، في الرسالة التي كتبتها في الشاهين، قول أبي الحسن علي بن الرومي «٢» في قصيدته التي يقول فيها:
هذا أبو الصقر فردا في محاسنه ... من نسل شيبان بين الضال والسلم «٣»
كأنه الشمس في البرج المنيف به ... على البرية لا نار على علم
مراده بالبرج قصره العالي لما شبهه بالشمس جعل قصره برجا وأراد التمليح على الخنساء في قولها في أخيها صخر:
وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
قال شيخنا شمس الدين محمد بن العماد: وأبو الصقر لم أقف له على ترجمة ولا وفاة وأبوه ابن عم معن بن زائدة الشيباني، وكان من قواد أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور، وتولى الأعمال الجليلة والولايات السنية، وتوفي قبل الثمانين ومائة. وكان يسكن البادية هو وولده أبو الصقر، وإليه الإشارة بقول ابن الرومي في البيت «بين الضال والسلم» وهما من شجر البادية. وتولى أبو الصقر بعض الولايات للواثق هارون بن المعتصم وولده المنتصر من بعده وعاش إلى خلافة المعتضد وولده المعتمد. وسكنى البادية مما يتمدح به العرب ومنه قوله:
الموقدين بنجد نار بادية ... لا يحضرون وفقد العز في الحضر