للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن لهيعة عن ابن هبيرة، عن أبي عبد الرحمن الجيلي، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال «١» : «من رجعته الطيرة عن حاجته، فقد أشرك» . قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «أن يقول أحدكم: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، ثم يمضي لحاجته» «٢» .

[تنبيه مهم]

: جزم الإمام العلامة القاضي أبو بكر بن العربي، في الأحكام، في سورة المائدة، بتحريم أخذ الفأل من المصحف. ونقله القرافي عن الإمام العلامة أبي الوليد الطرطوشي، وأقره وأباحه ابن بطة من الحنابلة. ومقتضى مذهبنا كراهته.

وحكى الماوردي، في كتاب أدب الدين والدنيا، أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك، تفاءل يوما في المصحف فخرج له قوله تعالى: وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ

«٣» فمزق المصحف وأنشأ يقول «٤» :

أتوعد كلّ جبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربّك يوم حشر ... فقل يا رب مزّقني الوليد

فلم يلبث إلّا أياما يسيرة حتى قتل شر قتلة، وصلب رأسه على قصره، ثم أعلى سور بلده، كما تقدم في باب الهمزة في لفظ الأوز.

[فائدة أخرى]

: روى الترمذي وابن ماجه والحاكم، وصححوه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» «٥» معناه تذهب أول النهار ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار ممتلئة البطون من الشبع. قال الإمام أحمد: ليس في هذا الحديث دلالة على القعود عن الكسب، بل فيه ما يدل على طلب الرزق، وإنما أراد، والله أعلم، لو توكلوا على الله في ذهابهم ومجيئهم وتصرفهم، وعلموا أن الخير بيده ومن عنده، لم ينصرفوا إلا سالمين غانمين، كالطير تغدو خماصا، وتروح بطانا، لكنهم يعتمدون على قوتهم وكسبهم، وهذا خلاف التوكل. وفي الاحياء، في أوائل كتاب أحكام الكسب، قيل لأحمد: ما تقول في الذي يجلس في بيته أو مسجده ويقول:

لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي؟ فقال أحمد: هذا رجل جهل العلم! أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم:

«إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي» «٦» . وقوله حيث ذكر الطير: «تغدو خماصا وتروح بطانا» «٧» .

وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتجرون في البر والبحر، ويعملون في نخيلهم. والقدوة بهم.

مسألة: أوصى للمتوكلين، أفتى ابن عباس بأن ذلك يصرف للزراع، فإنهم يحرثون ويضعون البذر في الأرض فهم متوكلون على الله تعالى، ويدل له ما روى البيهقي في الشعب، والعسكري في الأمثال، أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، لقى ناسا من أهل اليمن،

<<  <  ج: ص:  >  >>