جوز في بعض الأحوال، فجوازه دليل وجوبه كالنظر إلى العورة في الختان. ولما كان الإرسال ممنوعا منه، لكونه سائبة ثم جوز في بعض الأحوال، كان دليل الوجوب. الثالثة، إذا كان معه طائر أو حيوان، وليس معه ما يذبحه به، ولا ما يطعمه، فإرساله واجب ليسعى في طلب رزقه، الرابعة، إذا أراد الإحرام فإنه يجب عليه الإرسال.
[التعبير]
: الطائر العمل قال الله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
«١» وربما دل الطائر المجهول على الإنذار والموعظة، لقوله تعالى: قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ
«٢» فمن حسن طائره في المنام حسن عمله، وأتاه رسول بخير. ومن رأى معه طائرا متوحشا دميم الخلق، ربما كان عمله سيئا، أو أتاه رسول بشر. وأما عش الطائر، فإنه يدل على الزوجة، والحد الذي يقف العارف عنده، ورؤية العش للمرأة الحامل ولادة، والعش ما يكون في شجرة، فإذا كان في حائط أو كهف أو جبل، فإنه وكر، والوكر يدل على دور الزناة أو مساجد المتعبدين والمنقطعين. وأما بيض الطائر، فإنه دال على الأولاد من الأزواج والإماء، وربما دل على القبور، وربما دل البيض، على بيض الأسنة أو الخود، وربما دل على الاجتماع بالأهل والأقارب والأحباب، وربما دل على جمع الدراهم والدنانير وادخارها، والريش مال في التأويل، وربما دل على شراء قماش وربما دل على الجاه، لأنه يقال فلان طائر بجناح غيره، وربما دل على النبت من الزرع. والمخلب نصرة المخاصم، كما أنه للطائر عدة وجنة، والمناقر عز وجاه عريض لمن ملكه في المنام، وأما الزبل، فزبل الطائر المأكول مال حلال، وما لا يؤكل مال حرام. والزرق كسوة لاشتباهه في الثوب، وربما دل زرق الطائر الكاسر كالنسر والعقاب ونحوهما، على الخلع من الملوك والأكابر، فهذا قول جلي فيما ذكر من الطيور، وفيما سيأتي، وعلى هذا فقس بفهمك وحذقك تصب إن شاء الله تعالى والله الموفق.
[فائدة]
: روى ابن بشكوال، بسنده إلى أحمد بن محمد العطار، عن أبيه، قال: كان لنا جار فأسر وأقام في الأسر عشرين سنة، وأيس أن يرى أهله، قال: فبينما أنا ذات ليلة أفكر فيمن خلفت من صبياني وأبكي، إذ أنا بطائر سقط فوق حائط السجن يدعو بهذا الدعاء، قال:
فتعلمته من الطائر ثم دعوت الله به ثلاث ليال متتابعات، ثم نمت فما استيقظت إلا وأنا في بلدي فوق سطح داري، قال: فنزلت إلى عيالي فسروا بي بعد أن فزعوا مني لما رأوني ورأوا ما بي من تغير الحال والهيئة، ثم إني حججت من عامي، فبينما أنا أطوف وأدعو بهذا الدعاء، إذ أنا بشيخ قد ضرب يده على يدي، وقال لي: من أين لك هذا الدعاء؟ فإن هذا الدعاء لا يدعو به إلا طائر ببلاد الروم متعلق بالهواء، فحدثته بقصتي وبما جرى عليّ، وأني كنت أسيرا ببلاد الروم، وتعلمت الدعاء من الطائر فقال: صدقت. فسألت الشيخ عن اسمه، فقال: أنا الخضر، وهو هذا الدعاء:
اللهم إني أسألك يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون، ولا تغيره الحوادث ولا الدهور، يعلم مثاقيل الجبال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وعدد