ومن ملك نسرا مطاعا أصاب ملكا عظيما، ومن ملك نسرا فطار به، وهو لا يخافه، فإنه يعلو أمره ويصير جبارا عنيدا لما تقدم عن النمرود. ومن أصاب فرخ نسر ولد له ولد يكون عظيما هاديا، فإن رأى ذلك نهارا، فإنه يمرض، فإن خدشه ذلك الفرخ طال مرضه. ورؤية النسر المذبوح تدل على موت ملك من الملوك. ومن رأى النسر من النساء الحوامل فإنها ترى المراضع والدايات.
وقالت اليهود: النسر يفسر بالأنبياء الصالحين، لأن في التوراة شبه الصالحين بالنسر، الذي يعرف وطنه ويرفرف على فراخه ويزقها. وقال ابراهيم الكرماني: النسر يعبر بأكبر الملوك لأن الله تعالى خلق ملكا على صورته، وهو موكل بأرزاق الطير. وقال جاماست: من رأى نسرا أو سمع صياحه، خاصم إنسانا.
وقال ابن المقري: من ملك نسرا أو تحكم عليه نال عزا وسلطانا ونصرة على أعدائه، وعاش عمرا طويلا فإن كان الرائي من أهل الجهد والاجتهاد انقطع عن الناس واعتزلهم، وعاش منفردا لا يأوي إلى أحد. وإن كان ملكا انتصر على أعدائه، وربما صالحهم وأمن شرهم ومكايدهم وانتفع بما عندهم من السلاح والمال، وإن كان من عوام الناس نال منزلة تليق به أو مالا وانتصر على أعدائه. وربما دلت رؤية النسر على البدعة والضلالة عن الهدى، نعوذ بالله من ذلك لقوله «١» تعالى: وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً
. ورؤية المؤنث منها نساء خواطىء، وصغار أولاد زنا، وكذلك العقاب. قال: وربما دلت رؤيتها على الموت لاقتناصها الأرواح، وأكلها الميتة والجيفة. وربما دل النسر على الغيرة على العيال والله تعالى أعلم.
[النساف:]
بفتح النون وتشديد السين طائر له منقار كبير، قاله ابن سيده.
[النسناس:]
قال في المحكم هو خلق في صورة الناس مشتق منهم لضعف خلقهم، وقال في الصحاح: هو جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة انتهى.
وقال المسعودي، في مروج الذهب: إنه حيوان كالإنسان له عين واحدة، يخرج من الماء ويتكلم. ومتى ظفر بالإنسان قتله. وفي كتاب القزويني، قال في الأشكال: إنه أمة من الأمم، لكل واحد منهم نصف بدن ونصف رأس ويد ورجل، كأنه إنسان شق نصفين يقفز على رجل واحدة قفزا شديدا، ويعدو عدوا شديدا منكرا ويوجد في جزائر بحر الصين.
وفي المجالسة للدينوري، عن ابن قتيبة عن عبد الرحمن بن عبد الله أنه قال: قال ابن اسحاق: النسناس خلق باليمن، لأحدهم عين ويد ورجل، يقفز بها، وأهل اليمن يصطادونهم فخرج قوم لصيدهم، فرأوا ثلاثة نفر منهم، فأدركوا واحدا منهم فعقروه وتوارى اثنان في الشجر، فذبح الذي عقر فقال أحدهم لصاحبه: إنه لسمين، فقال أحد الإثنين: إنه كان يأكل الضرو فأخذوه فذبحوه. فقال الذي ذبحه: ما أنفع الصمت! فقال الثالث: فأنا الصميت فأخذوه فذبحوه.