للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تنافس أهل العلم في اقتناء الكتب وجمعها، حتى ليقال إن نجم الدين بن حجي «١» ترك بعد وفاته ثلاثة آلاف مجلد من الكتب النفيسة. وذكر المقريزي، في القاهرة وحدها أربع عشرة مكتبة عامة. ولم تكن دمشق تقل شأنا في هذا المجال، وعرف فيها من المدارس العمرية والناصرية، وخزانة للكتب.

وفي حلب عرفت نهضة علمية، تمثلت بعدد المدارس التي كانت فيها حتى اجتياح تيمور لنك لها سنة ٨٠٣ هـ. إذ بلغ عدد مدارسها ثلاثمائة مدرسة، دمرها الغزو المغولي في ذلك الوقت، ولكن نشأت مدارس أخرى منها: الشعبانية، والعثمانية، والمنصورية، والخسروية «٢» ، وكانت لها أوقاف جارية.

وعلى وجه العموم، فإن العصر المملوكي، بفترتيه، عرف نشاطا ثقافيا ملحوظا، في سائر العلوم والفنون، للأسباب التي أشرنا إليها حتى عدّت المؤلفات بعشرات الآلاف في مدة زمنية لم تتجاوز ثلاثمائة عام، تعاقب خلالها على الحكم سلاطين أشدّاء، وجهوا همهم إلى الحرب والجهاد، ولكنهم لم يغفلوا أبدا عن تشجيع العلوم وتقريب العلماء، فلا يخلو عصر أحد منهم من بناء جامع أو مدرسة، أو مكتبة كما فعل قلاوون، وابنه الناصر، والملك الظاهر جقمق، وبيبرس وقايتباي وقانصوه الغوري. وبعضهم كان مثقفا كالمؤيد شيخ الذي كان «يركز الفن وينظم الشعر، وله أشياء كثيرة من الفن دائرة بين المغنين الآن» «٣» .

ترجمة المؤلف «٤»

[اسمه ونسبه:]

محمد بن موسى بن عيسى بن علي الكمال أبو البقاء، الدّميري الأصل، القاهري الشافعي. كان اسمه كمالا بغير إضافة، وكان يكتبه كذلك بخطه في كتبه ثم تسمّى محمدا، وصار يكشط الأول، وكأنه، لتضمنه نوعا من التزكية مع هجر اسمه الحقيقي.

[نشأته وشيوخه:]

ولد في القاهرة سنة ٧٤٢ هـ، وتكسّب بالخياطة، ثم أقبل على العلم، فسمع جامع الترمذي على مظفّر الدين العطار المصري، وعلى علي بن أحمد العرضي الدمشقي. كما سمع بالقاهرة من عبد الرحمن بن علي الثعلبي، ومن محمد بن علي الخزاوي: كتاب «الخيل» للحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>