بحسب البلاد قال في طبعه: إنه يسرق ما وجد من فضة وذهب، كما يفعل الفأر وربما عادى الفأر فقتله، ولكن خوف الفأر من السنور أشد من خوفه منه. قال: وهو كثير الوجود في منازل أهل مصر، قال: وقد حكي من فطنته، أن رجلا صاد فرخا منها وحبسه في قفص بحيث تراه أمه، فلما رأته ذهبت ثم جاءت وفي فمها دينار، فألقته بين يديه كأنها تفتدي ولدها فلم يتركه لها، فذهبت وعادت بدينار آخر حتى كمل العدد خمسا، فلما رأت أنه لا يطلقه ذهبت وعادت بخرقة كأنها تشير إلى فراغ حاصلها فلم يكترث بها، فلما رأت ذلك منه عادت إل دينار منها لتأخذه، فخشي الرجل من ذلك فأطلق لها ولدها. وقد تقدم في باب الجيم في الجرذ حديث ضباعة بنت الزبير، أن المقداد بن الأسود ذهب يقضي حاجته فإذا جزد يخرج من جحره دينارا ثم دينارا ثم لم يزل كذلك، إلى أن أخرج سبعة عشر دينارا، ثم أخرج خرقة حمراء قد بقي فيها دينار واحد، فكانت ثمانية عشر، فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره وقال: خذ صدقتها. فقال عليه الصلاة والسلام:
«هل هويت إلى الجحر بيدك؟ «١» » فقال: لا. فقال له عليه الصلاة والسلام:«بارك الله لك فيها» . قال الجاحظ: ابن عرس نوع من الفأر وأنشد «٢» قول الشمقمق:
نزل الفارات بيتي ... رفقة من بعد رفقه «٣»
ثم قال «٤» :
وابن عرس رأس بيتي ... صاعدا في رأس طبقه
ثم قال «٥» يصفه:
صبغة أبصرت منها ... في سواد العين زرقه
مثل هذا في ابن عرس ... أغبش تعلوه بلقه «٦»
فوصفه بكونه أغبش أبلق، وأنه من الفأر. وهو أنواع ثلاثة عشر ستأتي في أماكنها، إن شاء الله تعالى. وقال أرسطاطاليس، في نعوت الحيوان، والتوحيدي في الامتاع والمؤانسة: إن الأنثى من بنات عرس، تلقح من أفواهها وتلد من أذنابها. وقال في كفاية المتحفظ: ابن عرس هو السرعوب، ويقال له النمس، وهو غلط. والذي قبله قريب منه. والجمع بينه وبين كلام الجاحظ عسر لأن النمس ليس من جنس الفأر، والصواب ما قاله الجاحظ من أنه نوع من الفأر. وقال الشيخ قطب الدين السنباطي: بنات عرس هي هذه التي في بيوت مصر، وفيما قاله قصور، فإن بنات عرس أنواع كما يأتي عن الرافعي قريبا.
[الحكم]
: قيل: يحرم أكله لأنه كالفأر، والمشهور حله، بل قال في شرح المهذب: يحل بلا