«آجر موسى عليه الصلاة والسلام نفسه بعفة فرجه، وشبع بطنه. فقال له ختنه شعيب عليه السلام: إن لك في غنمي ما جاءت به قالب لون» . جاء تفسيره في الحديث أنها جاءت على غير ألوان أمهاتها، كأن لونها قد انقلب.
والحكمة في أن الله تعالى جعل الرعي في الأنبياء تقدمة لهم، ليكونوا رعاة الخلق، ولتكون أممهم رعايا لهم. وروى الحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت غنما سودا دخلت فيها غنم كثير بيض» . قالوا: فما أولته يا رسول الله؟
قال: «العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم» . قالوا: العجم؟ يا رسول الله قال: «لو كان الايمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم» . وفي رواية «١» قال صلى الله عليه وسلم: «رأيت في المنام غنما سودا، يتبعها غنم عفر. يا أبا بكر عبرها» قال: هي العرب تتبعك ثم يتبعها العجم. فقال صلى الله عليه وسلم: «هكذا عبرها الملك سحرا» .
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينزع في قليب وحوله أغنام سود وغنم عفر، ثم جاء أبو بكر فنزع نزعا ضعيفا، والله يغفر له، ثم جاء عمر فاستحالت غربا يعني الدلو، فلم أر عبقريا يفري فريه.
فأولها الناس بالخلافة لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما، ولولا ذكر الغنم السود والعفر لبعدت الرؤيا عن معنى الخلافة والرعاية، إذ الغنم السود والعفر عبارة عن العرب والعجم. وأكثر المحدثين لم يذكروا الغنم في هذا الحديث. وذكره الإمام أحمد والبزار في مسنديهما وبه يصح المعنى.
ودخل أبو مسلم الخولاني على معاوية، فقال: السلام عليك أيها الأجير. فقالوا: قل:
السلام عليك أيها الأمير. فقال: السلام عليك أيها الأجير. فقالوا: قل: السلام عليك أيها الأمير. فقال: السلام عليك أيها الأجير. فقال لهم معاوية: دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول.
فقال أبو مسلم: إنما أنت أجير استأجرك رب هذه الغنم لرعايتها، فإن أنت هنأت جرباها، وداويت مرضاها، وحبست أولاها على أخراها، وقاك سيدها. وإن أنت لم تهنأ جرباها، ولم تداو مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها، عاقبك سيدها.
وفي رسالة القشيري، في باب الدعاء، أن موسى عليه الصلاة والسلام مر برجل يدعو ويتضرع فقال موسى: إلهي لو كانت حاجته بيدي لقضيتها! فأوحى الله تعالى إليه: يا موسى أنا أرحم به منك، ولكنه يدعوني وله غنم، وقلبه عند غنمه، وأنا لا أستجيب لعبد يدعوني وقلبه عند غيري. فذكر موسى للرجل ذلك، فانقطع إلى الله تعالى بقلبه فقضيت حاجته.
وفي المجالسة للدينوري، من حديث حماد بن زيد، عن موسى بن أعين الراعي، قال:
كانت الغنم والأسد والوحش ترعى في خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، في موضع واحد، فعرض ذات يوم لشاة منها ذئب، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما أرى الرجل الصالح إلا قد هلك. قال: فحسبناه فوجدناه قد مات في تلك الساعة.