قال العلماء إنما خص آدم عليه السلام بالذكر لأنه أب للجميع.
وروى «١» الجماعة إلا أبا داود، من حديث زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه الشريف، يقول:«لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الابهام والتي تليها» . قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:«نعم إذا كثر الخبث» . أشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى أن الذي فتحوا من السد قليل، وهم مع ذلك لا يلهمهم الله أن يقولوا غدا نفتحه إن شاء الله تعالى، فإذا قالوها خرجوا. وقوله صلى الله عليه وسلم:«ويل للعرب» كلمة تقولها العرب، لكل من وقع في هلكة.
وفي مسند «٢» الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل واد في جهنم يهوي الكافر فيه أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره» وقيل:
الويل الشر، وقوله صلى الله عليه وسلم:«فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج»«٣» .
الردم هم الحاجز الحصين المتراكم الذي جعل بعضه فوق بعض، والمراد به الردم الذي عمله الإسكندر بين الصدفين وهما الجبلان. وقوله في هذا الحديث إن زينب رضي الله تعالى عنها قالت: أنهلك؟ هو بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فتحها وهو ضعيف أو فاسد، قاله النووي رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم: نعم لأن ما استفهم عنه بإثبات كان جوابه نعم وما استفهم عنه بنفي كان جوابه بلى. ولذلك كانت بَلى
«٤» في جواب أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
«٥» ونَعَمْ
«٦» في جواب فَهَلْ وَجَدْتُمْ
فلذلك قال صلى الله عليه وسلم لزينب رضي الله تعالى عنها:«نعم» حين قالت:
أنهلك وفينا الصالحون.
وقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا كثر الخبث»«٧» هو بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة. وفسره الجمهور بالفسوق والفجور، وقيل: المراد به الزنا خاصة، وقيل: أولاد الزنا، والظاهر أن المراد به المعاصي مطلقا ومعناه أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون، والله تعالى أعلم.
وروى البزار، من حديث يوسف ابن مريم الحنفي قال: بينما أنا قاعد مع أبي بكرة، إذا جاء رجل فسلم عليه ثم قال: أما تعرفني؟ فقال أبو بكرة: ومن أنت؟ قال: تعلم رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه رأى الردم؟ فقال له أبو بكرة: أنت هو؟ وقال: نعم. فقال: اجلس فحدثنا، قال رضي الله تعالى عنه: انطلقت إلى أرض ليس لأهلها إلا الحديد يعملونه، فدخلت