للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسكندرية فعقل بها، ولم يزل بها إلى أن استقرططر «١» في المملكة، فأرسل في إطلاقه وأذن له في المجيء إلى القاهرة فاختار الإقامة في الاسكندرية، لأنها لاقت بحاله، واستطابها وحصل له بها مال جزيل، من التجارة فاستمر إلى أن مات فيها شهيدا بالطاعون سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.

فصل: فيما يجب على من يصحب الخلفاء الراشدين، وأمراء المؤمنين، والملوك والسلاطين.

قال الشعبي: قال لي عبد الله بن عباس، قال لي العباس: اي بني إني أرى هذا الرجل، يعني عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، يقدمك على كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني أوصيك بكلمات أربع لا تفشين لهم سرا، ولا تحدثنهم كذبا، ولا تطرين عندهم نصيحة، ولا تغتابن لديهم أحدا. قال الشعبي: فقلت لابن عباس: كل واحدة منهن خير من ألف، قال: إي والله، ومن عشرة آلاف. قال بعض الحكماء: إذا زادك السلطان إكراما، فزده إعظاما وإذا جعلك ولدا فاجعله سيدا، وإذا جعلك أخا فاجعله والدا، ولا تديمن النظر إليه، ولا تكاسر من الدعاء له، ولا تتغير منه إذا سخط، ولا تغتر به إذا رضي ولا تلح في مسألته وقد قيل في المعنى:

قرب الملوك يا أخا البدر السني ... حظ جزيل بين شدقي ضيغم

قال الفضل بن الربيع «٢» : من كلم الملوك في حاجة في غير وقتها، جهل مقامه وضاع كلامه، وما أشبه ذلك إلا بأوقات الصلاة، التي لا تقبل إلا في وقتها. قال خالد بن صفوان «٣» : من صحب السلطان بالنصيحة والأمانة، كان أكبر عدو له، ممن صحبه بالفسق والخيانة، لأنه يجتمع على الناصح عدو السلطان وصديقه، بالعداوة والحسد، فعدو السلطان يبغضه لنصيحته، وصديقه ينافسه في مرتبته. قال أفلاطون «٤» الحكيم: إذا خدمت ملكا، فلا تطعه في معصية ربك، فإن إحسانه إليك أفضل من إحسانه إليك، وإيقاعه بك أغلظ من إيقاعه بك. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«من تواضع لغني لأجل غناه، ذهب ثلثا دينه» . رواه البيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود وأنس بلفظ: «من أصبح حزينا على الدنيا، أصبح ساخطا على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبته فإنما يشكو ربه، ومن دخل لغني فتضعضع له، ذهب ثلث دينه» .

وأخرج الديلمي، من حديث أبي ذر: «لعن الله فقيرا يتواضع لغني من أجل ماله. من فعل ذلك فقد ذهب ثلثا دينه» . وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه» .

وروى «٥» أحمد عن بعض الصحابة مرفوعا «إنك لا تدع شيئا اتقاء الله إلا أعطاك الله خيرا منه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>