فإنها تعيد الكلام. وقال ابن الفقيه «١» : رأيت بجزيرة رانج حيوانات غريبة الأشكال ورأيت فيها صنفا من الببغاء أحمر وأبيض وأصفر، يعيد الكلام بأي لغة كانت قال أبو إسحاق الصابي «٢» في وصفها:
أنعتها صبيحة مليحة ... ناطقة باللغة الفصيحة
عدت من الأطيار واللسان ... يوهمني بأنها إنسان
تنهي إلى صاحبها الاخبارا ... وتكشف الاسرار والاستارا
بكماء إلا أنها سميعه ... تعيد ما تسمعه طبيعة
زارتك من بلادها البعيدة ... واستوطنت عندك كالقعيدة
ضيف قراه الجوز والارز ... والضيف في اتيانه يعز
تراه في منقارها الخلوقي ... كلؤلؤ يلقط بالعقيق
تنظر من عينين كالفصين ... في النور والظلمة بصاصين
تميس في حلتها الخضراء ... مثل الفتاة الغادة العذراء
خريدة خدورها الأقفاص ... ليس لها من حبسها خلاص
نحبسها وما لها من ذنب ... وإنما ذاك لفرط الحب
تلك التي قلبي بها مشغوف ... كنيت عنها واسمها معروف
يشرك فيها شاعر الزمان ... الكاتب المعروف بالبيان
ذلك عبد الواحد بن نصر ... تقيه نفسي حادثات الدهر
فأجابه أبو الفرج بقوله:
من منصفي من محكم الكتاب ... شمس العلوم قمر الآداب
أمسى لأصناف العلوم محرزا ... وسام أن يلحق لما برزا
وهل يجارى السابق المقصر ... أو هل يبارى المدرك المغرر
إلى أن قال في وصفها:
ذات شغا تحسبه ياقوتا ... لا ترتضي غير الأرزقوتا
كأنما الحبة في منقارها ... حبابة تطفو على عقارها
وقال «٣» القاضي ابن خلكان في ترجمة الفضل بن الربيع: إن أحمد بن يوسف الكاتب كتب إلى بعض إخوانه وقد ماتت له ببغاء، وله أخ كثير التخلف يسمى عبد الحميد:
أنت تبقى ونحن طرا فداكا ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا