وهاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وهي السنة الثالثة عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم، وقيل هاجر في الرابعة عشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم، ومعه أبو بكر الصديق ومولاه عامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط. وهذه السنة عليها مبني التاريخ الإسلامي وهي سنة أحد.
وفيها آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصحابة رضي الله عنهم واتخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخا. وفيها أتمت صلاة الحضر، وقصرت صلاة السفر، وفيها تزوج علي فاطمة رضي الله تعالى عنهما وفي سنة اثنتين كانت غزوة ودان وهو إسم مكان، وغزوة بواط وهي من ناحية رضوى، وغزوة العشيرة، وغزوة بدر الأولى وكانت في جمادى الآخرة، وغزوة بدر الكبرى وهي التي قتل فيها صناديد قريش، وأعز الله تعالى بها الدين، وكانت يوم الجمعة ثالث عشر رمضان، وغزوة بني سليم، وكانت في ذي الحجة، خرج صلى الله عليه وسلم يريد أبا سفيان فلم يلفه، وفي سنة ثلاث كانت غزوة بني غطفان وغزوة نجران، وغزوة قينقاع وغزوة أحد وغزوة حمراء الأسد. وفي سنة أربع كانت غزوة بني النضير وغزوة ذات الرقاع وفي سنة خمس كانت غزوة دومة الجندل وغزوة الخندق وغزوة بني قريظة، وفي سنة ست كانت غزوة بني لحيان وغزوة بني المصطلق، وفي سنة سبع اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وغزا غزوة خبيبر، وفيها كانت قصة فدك وهي مشهورة وكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة.
وفي سنة ثمان كانت غزوة مؤتة وفتح مكة المشرفة، وغزوة حنين وغزوة الطائف، وقسمة أموال هوازن. وفي سنة تسع كانت غزوة تبوك، وفي سنة عشر كانت حجة الوداع، ونحر فيها بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة، وأعتق ثلاثا وستين رقبة هي عدد سني عمره. وفي سنة إحدى عشرة كانت وفاته صلى الله عليه وسلم، وكان ابتداء الوجع في مستهل شهر ربيع الأول وتوفي في الثاني عشر منه.
وعاش صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة وكانت مدة مقامه في المدينة عشر سنين، وقد تقدم ذكر ذلك في باب الهمزة في الكلام على الاوز. وكان أولاده صلى الله عليه وسلم كلهم من خديجة رضي الله تعالى عنها، إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية وهم: الطيب والطاهر والقاسم وفاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم وإبراهيم سلام الله ورضوانه عليهم أجمعين. فأما الذكور فماتوا كلهم أطفالا. ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم في حياة خديجة غيرها، فلما ماتت تزوج سودة بنت زمعة رضي الله عنها وعائشة رضي الله تعالى عنها.
ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها وماتت رضي الله تعالى عنها في أيام معاوية رضي الله تعالى عنه، سنة ثمان وخمسين عن سبع وستين سنة. وتزوج صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما سنة ثلاث وتوفيت في أيام عثمان رضي الله تعالى عنه. وتزوج صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة وتوفيت في حياته صلى الله عليه وسلم لم يمت عنده من نسائه غيرها، وغير خديجة رضي الله تعالى عنهما. وتزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله تعالى عنها سنة أربع، وأمها عاتكة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفيت سنة تسع وخمسين في أيام معاوية أيضا رضي الله تعالى عنده، وقيل توفيت سنة إحدى وستين في يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين رضي الله تعالى عنه. وتزوج صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش في سنة خمس وتوفيت في سنة عشرين في أيام عمر رضي الله عنهما، وهي أول أزواجه صلى الله عليه وسلم لحوقا به. وتزوج أم حبيبة وإسمها رملة بنت أبي سفيان وتوفيت سنة أربع وأربعين في أيام أخيها معاوية رضي الله تعالى