سقى الله أرضا نور وجهك شمسها ... وأحيا بلادا أنت في افقها بدر
وروّى بقاعا جود كفك غيثها ... ففي كل قطر من نداك بها قطر
وله أيضا:
تسلسل دمعي وهو لا شك مطلق ... وصح حقيقا حين قالوا: تكسرا
وفي قلب مائي للقلوب مسرة ... وقالوا سيجزى بالهنا وكذا جرى
وله أيضا:
بعيني رأيت الماء ألقى بنفسه ... على رأسه من شاهق فتكسرا
وقام على إثر التكسر جاريا ... ألا فاعجبوا ممن تكسر قد جرى
وله أيضا:
أنفقت كنز مدائحي في ثغره ... وجمعت فيه كل معنى شارد
وطلبت منه جزاء ذلك قبلة ... فأبى وراح تغزلي في البارد
والعرب تقول: البلبل يعندل، أي يصوّت وروى الحافظ أبو نعيم وصاحب الترغيب والترهيب من حديث مالك بن دينار أن سليمان بن داود صلى الله عليهما وسلم، مر على بلبل فوق شجرة يصفر ويحرك رأسه ويميل ذنبه فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟ قالوا: لا، قال: إنه يقول:
أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء. وهو بالمد أي على الدنيا الدروس، وذهاب الأثر. وقيل: العفاء التراب. وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب العين في لفظ العقعق. عن الزمخشري أنه ذكر في تفسير قوله «١» تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها
عن بعضهم أن البلبل يحتكر القوت. حكى البويطي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه كان في مجلس مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه وهو غلام، فجاء رجل إلى مالك فاستفتاه، فقال: إني حلفت بالطلاق الثلاث إن هذا البلبل لا يهدأ من الصياح. فقال له مالك: قد حنثت. فمضى الرجل، فالتفت الشافعي رضي الله تعالى عنه إلى بعض أصحاب مالك فقال: إن هذه الفتيا خطأ فأخبر مالك بذلك، وكان مالك رضي الله تعالى عنه مهيب المجلس لا يجسر أحد أن يراده، وربما جاء صاحب الشرطة فوقف على رأسه إذا جلس في مجلسه، فقالوا لمالك: إن هذا الغلام يزعم أن هذه الفتيا إغفال وخطأ! فقال له مالك: من أين قلت هذا؟ فقال له الشافعي أليس أنت الذي رويت لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم أن «أبا جهم ومعاوية خطباني، فقال صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاقته، وأما معاوية فصعلوك لا مال له «٢» » . فهل كانت عصا أبي جهم دائما على عاتقه؟ وإنما أراد من ذلك الأغلب. فعرف مالك