بخير، وينذر الناس بأمر الله. قال: إذا أتيت محمد فأقرئيه مني السلام، وقولي له رضوان خازن الجنة يقرئك السلام، ويقول لك: ما فرح أحد بمبعثك ما فرحت به، فإن الله جعل أمتك ثلاث فرق: فرقة يدخلون الجنة بغير حساب، وفرقة يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة وفرقة تشفع لهم فتشفع فيهم فيدخلون الجنة. قلت: نعم. ثم ولى عني فأخذت في رفع حطبي فثقل عليّ فالتفت إلي وقال: يا زائدة أثقل عليك حطبك؟ قلت: نعم بأبي وأمي. فعطف عليّ وغمز الحزمة بقضيب أحمر في يده فرفعها، ونظر فإذا هو بصخرة عظيمة فوضع الحزمة بالقضيب عليها، وقال:
اذهبي يا صخرة بالحطب معها، فجعلت الصخرة تدهده بين يدي بالحطب، حتى أتيت «فسجد النبي صلى الله عليه وسلم شكرا وحمدا لله تعالى على بشرى رضوان. ثم قال لأصحابه: قوموا لننظر فقاموا وانطلقوا إلى الصخرة فرأوها وعاينوا آثارها» . ويقرب من هذه البشرى ما روي عن عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: إن رجلا من أهل اليمن جاء إلى كعب الأحبار فقال له: إن فلانا الحبر اليهودي أرسلني إليك برسالة فقال له كعب: هاتها فقال له الرجل: إنه يقول لك: ألم تكن فينا سيدا شريفا مطاعا فما الذي أخرجك من دينك إلى أمة محمد؟ فقال له كعب: أتراك راجعا إليه؟ قال: نعم. قال: فإن رجعت إليه فخذ بطرف ثوبه لئلا يفر منك، وقل له: يقول لك كعب: أسألك بالله الذي فلق البحر لموسى، وأسألك بالله الذي ألقى الألواح إلى موسى بن عمران فيها علم كل شيء، ألست تجد في كلمات الله تعالى، أن أمة محمد ثلاثة أثلاث: فثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وثلث يدخلون الجنة بشفاعة أحمد، فإنه سيقول لك: نعم. فقل له: يقول لك كعب: اجعلني في أي هذه الأثلاث شئت. وفي كتاب خير البشر بخير البشر لمحمد بن ظفر أيضا، قال: روي أن مرثد بن عبد كلال قفل من غزاة غزاها بغنائم عظيمة فوفد عليه زعماء العرب، وشعراؤها وخطباؤها، يهنؤنه، فرفع الحجاب عن الوافدين، وأوسعهم عطاء، واشتد سروره بهم، فبينما هو على ذلك، إذ نام يوما فرأى رؤيا في المنام أخافته وأذعرته وأهالته في حال منامه، فلما انتبه أنسيها حتى لم يذكر منها شيئا، وثبت ارتياعه في نفسه بها فانقلب سروره حزنا واحتجب عن الوفود حتى أساء به الوفود الظن، ثم إنه حشر الكهان فجعل يخلو بكاهن كاهن ثم يقول له اخبرني عما أريد أن أسألك عنه، فيجيبه الكاهن بأن لا علم عندي، حتى لم يدع كاهنا علمه إلا كان إليه منه ذلك. فتضاعف قلقه، وطال أرقه، وكانت أمه قد تكهنت، فقالت له: أبيت اللعن أيها الملك، إن الكواهن أهدى إلى ما تسأل عنه لأن أتباع الكواهن من الجان، ألطف وأظرف من أتباع الكهان! فأمر بحشر الكواهن إليه، وسألهن كما سأل الكهان فلم يجد عند واحدة منهن علما مما أراد علمه. ولما يئس من طلبته، سلا عنها.
ثم إنه بعد ذلك ذهب يتصيد فأوغل في طلب الصيد، وانفرد عن أصحابه فرفعت له أبيات في ذرى جبل وكان قد لفحه الهجير، فعدل إلى الأبيات وقصد بيتا منها، كان منفردا عنها فبرزت إليه منه عجوز، فقالت له انزل بالرحب والسعة والأمن والدعة، والجفنة المدعدعة، والعلبة المترعة، فنزل عن جواده ودخل البيت، فلما احتجب عن الشمس، وخفقت عليه الأرواح نام، فلم يستيقظ حتى تصرم الهجير، فجلس يمسح عينيه، فإذا بين يديه فتاة، لم ير مثلها قواما