وأعنق، والكثير أتن وأتن. واستأتن الرجل أي اشترى أتانا، واتخذها لنفسه. قال محمد بن سلام: حدثني رجل من قريش قال: خرج خالد بن عبد الله القسري «١» يوما يتصيد، وهو أمير العراق فانفرد عن أصحابه فإذا هو بأعرابي على أتان له هزيل ومعه عجوز فقال له خالد ممن الرجل فقال من أهل المآثر والحسب والمفاخر قال: فأنت إذن من مضر فمن أيها أنت؟ قال من الطاعنين على الخيول، المعانقين عند النزول. قال: فأنت إذن من عامر، فمن أيها أنت؟ قال: من أهل الرفادة، والكرم والسيادة، قال فأنت إذن من جعفر، فمن أيها أنت؟ قال: من بدورها وشموسها وليوثها، في خميسها قال: فأنت إذن من الخواص. فما أقدمك هذه البلاد؟ قال: تتابع السنين وقلة رفد الرافدين. قال فمن أردت بها؟ قال: أميركم هذا الذي رفعته أمرته وحطته أسرته. قال: فما أردت منه؟ قال: كثرة ماله لا كرم آبائه. قال: ما أراك إلا قد قلت فيه شعرا فقال لامرأته:
أنشديه، فقال:
كم تجشمنا مدح اللئيم ... ة اليوم إن مدح الئيم ذل
قال: أنشديه فأنشدته:
إليك ابن عبد الله بالجد أرقلت ... بنا البيدعيس كالقسي سواهم
عليها كرام من ذؤابة عامر ... أضربهم جدب السنين العوارم
يردن امرءا يعطي على الحمد ماله ... وهانت عليه في الثناء الدراهم
فإن تعط ما تهوى فهذا ثناؤنا ... وإن تكن الأخرى فما ثمّ لا ثم
فقال له خالد: يا عبد الله، ما أعجبك وشعرك، جئت على أتان هزيل، وتزعم إنك جئت على عيس؛ وقد ذكرت الرجل في شعرك، بخلاف ما ذكرت في كلامك. فقال: يا ابن أخي ما تجشمنا من مدح اللئيم، كان أشد من الكذب في شعرنا فقال له خالد: أتعرف خالدا؟ قال: لا قال: فأنا هو خالد. قال: أسألك بالله هو أنت خالد؟ قال إي والذي سألتني به أنا خالد، وأنا معطيك غير مكافئك، فقال: يا أم جحش اصرفي وجه أتانك فقال لها خالد: لا تفعلي وأقيمي أنت وزوجك فقال الرجل: لا والله لا رزأت امرءا درهما بعد أن أسمعته ما يكره، وصرف وجه أتانه ومضى. فقال خالد: بمثل هذا الفعل نال هذا وآباؤه ما نالوا.
وروى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من لبس الصوف، وحلب الشاة، وركب الأتن، فليس في جوفه من الكبر شيء» . وهو كذلك في الكامل في ترجمة عبد الرحمن بن عمار بن سعد.
وعن جابر وأبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«براءة من الكبر لباس الصوف ومجالسة فقراء المؤمنين وركوب الحمار واعتقال العنز وأكل أحدكم مع عياله» . وفي الاستيعاب وغيره أن زرارة بن عمرو النخعي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من رجب سنة تسع «فقال: