للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهدي: اسكت ويلك وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن تقتلهم فنشقى بهم ويسعدوا بنا اكتبوا عهده على قضاء الكوفة بحيث أن لا يعترض عليه في حكم. فكتب عهده ودفع إليه فأخذه وخرج ورمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد فلم يوجد وتوفي بالبصرة متواريا سنة إحدى وستين ومائة رحمه الله تعالى. وهو أحد الأئمة المجتهدين، اجمع الناس على دينه وورعه وثقته. ويروى أن أبا القاسم الجنيد «١» رحمه الله كان يفتي على مذهبه، وهو غلط والصواب أن الجنيد كان شافعيا وقد عده شيخ الإسلام تقي الدين السبكي في الأصحاب وكذلك عده غيره.

وكان سفيان الثوري كوفيا فإنه سئل عن عثمان وعن علي رضي الله تعالى عنهما أيهما أفضل؟

فقال: أهل البصرة يقولون بتفضيل عثمان وأهل الكوفة يقولون بتفضيل علي. فقيل له: فما تقول أنت؟ قال أنا رجل كوفي. يعني أنه يقول بتفضيل علي.

وفي كتاب ابتلاء الأخيار أن عيسى عليه الصلاة والسلام لقي إبليس وهو يسوق خمسة أحمرة عليها أحمال، فسأله عن الأحمال فقال: تجارة أطلب لها مشترين. قال: وما هي التجارة؟ قال:

أحدها الجور. قال: ومن يشتريه؟ قال السلاطين. والثاني الكبر. قال: ومن يشتريه؟ قال:

الدهاقين: والثالث الحسد. قال: ومن يشتريه؟ قال: العلماء. والرابع الخيانة. قال: ومن يشتريها؟ قال: عمال التجار. والخامس الكيد. قال: ومن يشتريه؟ قال: النساء.

ومما يحكى: من كيد النساء ومكرهن ما روي في بعض التفاسير، عن جعفر الصادق بن محمد الباقر، أنه قال: كان في بني إسرائيل رجل، وكان له مع الله معاملة حسنة، وكان له زوجة وكان ضنينا بها، وكانت من أجمل أهل زمانها مفرطة في الجمال والحسن، وكان يقفل عليها الباب، فنظرت يوما شابا فهويته وهويها، فعمل له مفتاحا على باب دارها، وكان يدخل ويخرج ليلا ونهارا متى شاء، وزوجها لم يشعر بذلك فبقيا على ذلك زمانا طويلا. فقال لها زوجها يوما، وكان أعبد بني إسرائيل وأزهدهم إنك قد تغيرت علي ولم أعلم ما سببه، وقد توسوس قلبي وقد كان أخذها بكرا، ثم قال لها: واشتهي منك أن تحلفي لي أنك لم تعرفي رجلا غيري، وكان لبني إسرائيل جبل يقسمون به ويتحاكمون عنده، وكان الجبل خارج المدينة، وكان عنده نهر يجري، وكان لا يحلف أحد عنده كاذبا إلا هلك. فقالت له: ويطيب قلبك إذا حلفت لك عند الجبل؟ قال: نعم، قالت متى شئت فعلت. فلما خرج العابد لقضاء حاجته، دخل عليها الشاب، فأخبرته بما جرى لها مع زوجها، وأنها تريد أن تحلف له عند الجبل، وقالت: ما يمكنني أن أحلف كاذبة، ولا أقول لزوجي ما أحلف فبهت الشاب وتحير، وقال: فما تصنعين؟ فقالت له: بكر غدا، وألبس ثوب مكار وخذ حمارا واجلس على باب المدينة، فإذا خرجنا فأنا آمره يكتري منك الحمار، فإذا اكتراه منك بادر واحملني وارفعني فوق الحمار، حتى أحلف له وأنا صادقة أني ما مسني أحد غيرك وغير هذا المكاري. فقال: حبا وكرامة. فلما جاء زوجها قال قومي بنا إلى الجبل لتحلفي به. فقالت ما لي طاقة بالمشي فقال: اخرجي فإن وجدت مكاريا اكتريت لك. فقامت ولم تلبس لباسها، فلما خرج العابد وزوجته، رأت الشاب ينتظرها فصاحت به يا مكاري أتكري حمارك إلى الجبل بنصف درهم؟ قال: نعم، ثم تقدم ورفعها على الحمار فساروا حتى وصلوا إلى الجبل. فقالت

<<  <  ج: ص:  >  >>