للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحمر» قال ابن قانع والحافظ أبو موسى: قال هلال بن العلاء: الحمام الأحمر التفاح. قال أبو موسى وهذا التفسير لم أره لغيره. وكان في منزله صلى الله عليه وسلم حمام أحمر يقال له وردان.

وفي عمل اليوم والليلة لابن السني عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل «أن عليا رضي الله تعالى عنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوحشة فأمره أن يتخذ زوج حمام، وأن يذكر الله عند هديره» . ورواه الحافظ ابن عساكر وقال: إنه غريب جدا وسنده ضعيف. وروى ابن عدي، في كامله، في ترجمة ميمون بن موسى، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال له: «اتخذ زوجا من حمام تؤنسك وتصيب من فراخها وتوقظك للصلاة بتغريدها» أو «اتخذ ديكا يؤنسك ويوقظك للصلاة» . وروى أيضا في ترجمة محمد بن زياد الطحان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتخذوا الحمام المقاصيص في بيوتكم فإنها تلهي الجن عن صبيانكم» «١» . وقال عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال له: «إن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ زوجا من حمام» رواه الطبراني، وفيه الصلت الجراح لا يعرف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وفي كامل ابن عدي في ترجمة سهل بن فرير، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«شكت «٢» الكعبة إلى الله تعالى قلة زوارها، فأوحى الله إليها لأبعثن إليك أقواما يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى فراخها. وفي سنن أبي داود والنسائي، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة» «٣» . ومن طبعه أنه يطلب وكره ولو أرسل من ألف فرسخ. ويحمل الأخبار ويأتي بها من البلاد البعيدة في المدة القريبة، وفيه ما يقطع ثلاثة آلاف فرسخ في يوم واحد. وربما اصطيد وغاب عن وطنه عشر حجج فأكثر ثم هو على ثبات عقله، وقوة حفظه، ونزوعه إلى وطنه، حتى يجد فرصة فيطير إليه. وسباع الطير يطلبه أشد الطلب وخوفه من الشاهين أشد من خوفه من غيره، وهو أطير منه، ومن سائر الطير كله لكنه يذعر منه، ويعتريه ما يعتري الحمار إذا رأى الأسد والشاة إذا رأت الذئب، والفأر إذ رأى الهر ومن عجيب الطبيعة فيه، ما حكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار عن المثنى بن زهير أنه قال: لم أر شيئا قط من رجل وامرأة إلا وقد رأيته في الحمام، رأيت حمامة لا تريد إلا ذكرها، وذكرا لا يريد إلا أنثاه إلا أن يهلك أحدهما أو يفقد.

ورأيت حمامة تتزين للذكر ساعة يريدها، ورأيت حمامة لها زوج وهي تمكن آخر ما تعدوه. ورأيت حمامة تقمط حمامة، ويقال: إنها تبيض من ذلك، ولكن لا يكون لذلك البيض فراخ. ورأيت ذكرا يقمط ذكرا، ورأيت ذكرا يقمط كل ما لقي. ولا يزاوج وأنثى يقمطها كل ما رآها من الذكور ولا تزاوج. وليس من الحيوان ما يستعمل التقبيل عند السفاد إلا الإنسان والحمام. وهو عفيف في السفاد، يجر ذنبه ليعفي أثر الأنثى، كأنه قد علم ما فعلت، فيجتهد في إخفائه. وقد يسفد لتمام ستة أشهر، والأنثى تحمل أربعة عشر يوما، وتبيض بيضتين: إحداهما ذكر والثانية

<<  <  ج: ص:  >  >>