للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن امرأة جاءته، وهو يتغدى، فقالت له: رأيت القمر دخل في الثريا، ونادى مناد من خلقي:

ائتي ابن سيرين فقصي عليه، قال: فتغير لونه وقام. وهو آخذ على بطنه، فقالت له أخته: ما بالك؟ قال: زعمت هذه أني ميت بعد سبعة أيام. فمات بعد سبعة أيام، سنة عشر ومائة بعد الحسن البصري بمائة يوم رحمهما الله تعالى. وفي الشعب للبيهقي عن سفيان الثوري أنه قال: كان اللعب بالحمام من عمل قوم لوط. وقال إبراهيم النخعي: من لعب بالحمام الطيارة، لم يمت حتى يذوق ألم الفقر. وروى البزار في مسنده أن الله تعالى أمر العنكبوت فنسجت على وجه الغار، وأرسل حمامتين وحشيتين فوقفتا على فم الغار، وإن ذلك مما صد المشركين عنه صلى الله عليه وسلم، وإن حمام الحرم من نسل تينك الحمامتين. وروى ابن وهب «أن حمام مكة أظلت النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتحها فدعا لها بالبركة» . وروى الطبراني بإسناد صحيح عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذه الآية «١» : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

فجعل يعيدها علي حتى نعست عنه، ثم قال: «يا أبا ذر كيف تصنع إذا أخرجت من المدينة؟ قلت: إلى السعة والدعة أنطلق إلى مكة فأكون حمامة من حمام الحرم، فقال صلى الله عليه وسلم: فيكيف تصنع إذا أخرجت من مكة؟ قلت إلى السعة والدعة أنطلق إلى الشأم والأرض المقدسة. قال: فكيف تصنع إذا أخرجت من الشأم؟ فقلت: والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي. قال صلى الله عليه وسلم: وخير من ذلك تسمع وتطيع وإن كان عبدا حبشيا» «٢» وفي الصحيح طرف منه وفي ابن ماجه طرف من أوله.

وذكر أن هارون الرشيد كان يعجبه الحمام واللعب به، فأهدي له حمام وعنده أبو البختري وهب القاضي، فروى له بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا سبق إلا في خف أو حافرا وجناح» . «٣» . فراد أو جناح. وهي لفظة وضعها للرشيد، فأعطاه جائزة سنية، فلما خرج قال الرشيد: بالله لقد علمت أنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمر بالحمام فذبح فقيل له:

وما ذنب الحمام؟ قال: من أجله كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فترك العلماء حديث أبي البختري لذلك وغيره من موضوعاته. فلم يكتبوا حديثه. وكان أبو البختري المذكور قاضي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم بعد بكار بن عبد الله الزبيري، ثم ولي قضاء بغداد، بعد أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، رحمه الله. وتوفي أبو البختري سنة مائتين في خلافة المأمون. والبختري مأخوذ من البخترة التي هي الخيلاء، وهو يتصحف على كثير من الناس بالبحتري الشاعر المشهور، والأول بالخاء المعجمة والثاني بالحاء المهملة. قال ابن أبي خيثمة: والشيخ تقي الدين القشيري، في الاقتراح واضع حديث الحمام غياث بن إبراهيم، وضعه للمهدي لا للرشيد. وقال ابن قتيبة: وأبو البختري هو

<<  <  ج: ص:  >  >>