قلت وهو قريب من جبل يقال له ساتيدما، بكسر المثناة من فوق بعدها مثناة من تحت، ودال مهملة وميم وألف، وهو متصل من بحر الروم إلى بحر الهند، ليس يأتي يوم من الدهر إلا ويسفك عليه دم، فسمي ساتيدما لذلك. وكان قيصر قد غزا كسرى، وأتى بلاده فاحتال له حتى انصرف عنه، فاتبعه كسرى في جنوده فأدركه بساتيدما، فانهزم أصحاب قيصر مرعوبين من غير قتال، فقتلهم كسرى قتل الكلاب ونجا قيصر ولم يدركه كذا حكاه البكري في معجمه. وذكره الجوهري نقلا عن سيبويه كذلك أنشدوا على ذلك:
لما رأت ساتيدما استعبرت ... لله در اليوم من لامها «١»
والحية أنواع: منها الرقشاء وهي التي فيها سود وبيض، ويقال لها الرقطاء أيضا وهي من أخبث الأفاعي قال «٢» النابغة في وصف السليم:
فبت كأني ساورتني ضئيلة ... من الرقش، في أنيابها السّم ناقع «٣»
تسهّد من ليل التمام، سليمها ... كحلي نساء، في يديه، قعاقع «٥»
وقال غيره:
هم أيقظوا رقط الأفاعي ونبهوا ... عقارب ليل نام عنها حواتها «٦»
وهم نقلوا عني الذي لم أفه به ... وما آفه الأخيار إلا رواتها
وتزعم الأعراب أن الأفاعي صم، وكذلك النعام قال علي بن نصر الجهضمي: دخلت على المتوكل فإذا هو يمدح الرفق فأكثر فقلت: يا أمير المؤمنين أنشدني الأصمعي:
لم أر مثل الرفق في لينه ... أخرج للعذراء من خدرها
من يستعن بالرفق في أمره ... يستخرج الحية من جحرها
فقال: يا غلام الدواة والقرطاس، فأتى بهما فكتبهما وأمر لي بجائزة سنية، وقال أبو بكر بن أبي دواد: كان المستعين بالله بعث إلى نصر بن علي، يشخصه للقضاء، فدعاه عبد الملك أمير البصرة وأمره بذلك فقال: ارجع فاستخير الله فرجع إلى بيته فصلى ركعتين، وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، ونام فنبهوه فإذا هو ميت. وذلك في شهر ربيع الآخر سنة خمسين