للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأغرق الله عز وجل الذين كانوا معه، وأنجاه. فأقبل الغلام يمشي على وجه الماء حتى أتى الملك فتحير الملك في نفسه، فقال له الغلام: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم. قال: إنك لا تقدر على ذلك حتى تصلبني وترميني بسهم من كنانتي وتقول إذا رميتني: بسم الله رب هذا الغلام بعد أن تجمع الناس في صعيد واحد. قال: فجمع الملك الناس في صعيد واحد وأمر بالغلام أن يصلب فصلب، وأخذ الملك سهما من كناية الغلام وقال: بسم الله رب هذا الغلام ورماه فوقع السهم في صدغه فقتله ووضع الغلام يده على صدغه فقال الناس: آمنا برب هذا الغلام. فقيل للملك:

إنك جزعت حين خالفك ثلاثة، فهذا العالم كلهم قد خالفوك فأمر بالأخدود، فخد أخدودا ثم ألقي فيه الحطب والنار ثم جمع الناس وقال لهم: من رجع عن دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار. فجعل يلقيهم في ذلك الأخدود. فذلك قوله «١» تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ

زاد مسلم فأتى بامرأة لتلقى في النار ومعها صبي رضيع، فجزعت فقال لها:

الغلام يا أماه لا تجزعي فإنك على الحق. وذكر ابن قتيبة أن الغلام الرضيع، كان عمره سبعة أشهر. قال الترمذي وإن الغلام أخرج في زمان عمر رضي الله تعالى عنه ويده على صدغه كما وضعها حين قتل.

وذكر صاحب السيرة محمد بن إسحاق فيها أن إسمه عبد الله بن التامر. وأن رجلا من أهل نجران حفر خربة في زمن عمر رضي الله تعالى عنه في بعض حاجته، فوجده تحت الردم قاعدا واضعا يده على ضربة في صدغه، وفي يده خاتم مكتوب عليه «ربي الله» فكتبوا بذلك إلى عمر رضي الله تعالى عنه فكتب إليهم أن أقروه على حاله ففعلوا. قال السهيلي. ويصدقه قوله «٢» عز وجل وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً

الآية وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» . خرجه «٣» أبو داود وذكر أبو جعفر الداودي هذا الحديث بزيادة ذكر الشهداء والعلماء والمؤذنين، قال: وهي زيادة غريبة، لكن الداودي من أهل الثقة والعلم.

انتهى قال ابن بشكوال وكان إسم ذلك الملك يوسف ذا نواس، وكان بنجران وكان ملك حمير وما حوله، وقيل إسمه زرعة ذو نواس، وكان على دين اليهودية قاله السمرقندي. والوقعة كانت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة، وكان إسم ذلك الراهب قيتمون، قاله ابن بشكوال.

وفي المثل السائر: «فلان أكذب من دبّ ودرج» «٤» . قال الجوهري: معناه أكذب الأحياء والأموات، لأنهم يدرجون في الأكفان وروى الترمذي الحكيم، عن زيد بن أسلم أن الأشعريين أبا موسى وأبا مالك وأبا عامر رضي الله تعالى عنهم في نفر منهم لما هاجروا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أرملوا من الزاد، فأرسلوا قاصدهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فلما انتهى إليه سمعه يقرأ «٥» وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها

فقال الرجل: ما الأشعريون بأهون

<<  <  ج: ص:  >  >>