لو يرزقون الناس حسب عقولهم ... ألقيت أكثر من ترى يتصدق
لكنه فضل المليك عليهم ... هذا عليه موسع ومضيق
وإذا الجنازة والعروس تلاقيا ... ورأيت دمع نوائح يترقرق
سكت الذي تبع العروس مبهتا ... ورأيت من تبع الجنازة ينطق
وإذا امرؤ لسعته أفعى مرة ... تركته حين يجر حبل يفرق
بقي الذين إذا يقولوا يكذبوا ... ومضى الذين إذا يقولوا يصدقوا
ومن محاسن شعره قوله «١» :
ما يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
والشيخ لا يترك أخلاقه ... حتى يوارى في ثرى رمسه «٢»
إذا ارعوى عاد إلى جهله ... كذا الضنى عاد إلى نكسه
وإنّ من أدبته في الصبا ... كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا ناضرا ... بعد الذي أبصرت من يبسه
قوله: والشيخ لا يترك أخلاقه، البيت والذي يليه، هما كانا سبب قتله وذلك أنّ المهدي اتهمه بالزندقة وأمر بإحضاره، فلما خاطبه أعجبه كلامه، فخلى عنه، فلما ولّى رده، وقال له:
ألست القائل والشيخ لا يترك أخلاقه؟ البيتين المتقدمين، قال: بلى يا أمير المؤمنين. قال: فأنت لا تترك أخلاقك، فأمر به فقتل وصلب على الجسر، وذلك سنة سبع وتسعين ومائة ومن محاسن شعره أيضا قوله «٣» :
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
وهو كقول ابن دريد:
من لم يقف عند انتهاء قدره ... تقاصرت عنه فسيحات الخطا
وصالح هذا هو صاحب الفلسفة قتله المهدي على الزندقة. كان يعظ ويقص بالبصرة وحديثه يسير، وليس بثقة. قيل: إنه رؤي في المنام، فقال إني وردت على رب لا تخفى عليه خافية، فاستقبلني برحمته وقال: قد علمت لراءتك مما قذفت به.
وقد أحسن بعض الشعراء في وصف القنديل حيث قال مشبها:
وقنديل كأنّ الضوء منه ... محيا من هويت إذا تجلّى
أشار إلى الدجا بلسان أفعى ... فشمر ذيله فرقا وولّى
والأفعوان هو الشجاع الأسود يواثب الإنسان وكنيته أبو حيان وأبو يحيى لأنه يعيش ألف سنة وما أحسن قول بعضهم: