رضي الله عنه. وروى الحاكم عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال على المنبر: رأيت في المنام كأن ديكا نقرني ثلاث نقرات فقلت: أعجمي يقتلني، وإني جعلت أمري إلى هؤلاء الستة، الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض: عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص. فمن استخلف فهو الخليفة. وذكر ابن خلكان وغيره، أن عمر رضي الله عنه، لما طعن، اختار من الصحابة ستة نفر، وهم المتقدم ذكرهم. وكان سعد بن أبي وقاص غائبا، وجعل عبد الله ابنه مشيرا، وليس له من الأمر شيء وأقام المسور بن مخرمة، وثلاثين نفسا من الأنصار، وقال: إن اتفقوا على واحد إلى ثلاثة أيام، وإلا فاضربوا رقاب الكل فلا خير للمسلمين فيهم، وإن افترقوا فرقتين، فالفرقة التي فيها عبد الرحمن بن عوف. وأوصي أن يصلي صهيب بالناس ثلاثة أيام، فأخرج عبد الرحمن بن عوف نفسه من الشورى، واختار عثمان فبايعه الناس. ونقل أن العباس بن عبد المطلب قال لعلي:
يا ابن أخي لا تدخل نفسك في الشورى مع القوم، فإني أخاف أن يخرجوك منها فتبقى وصمة فيك فلم يقبل منه.
وكان عمر قد بويع له بالخلافة يوم مات الصديق بعهد منه له في ذلك كما سبق في باب الهمزة في لفظ الأوز. وضربه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي غلام المغيرة بن شعبة، وكان مجوسيا، وقيل: كان نصرانيا، ثلاث ضربات أحداهن تحت سرته، فقال: قتلني الكلب. وخرج من المحراب ودخل عبد الرحمن بن عوف، فأتم الصلاة بالناس. ومر أبو لؤلؤة هاربا في يده خنجر يضرب به يمينا وشمالا فطرح عليه رجل من الأنصار رداءه، فلما علم أنه مأخوذ، نحر نفسه.
وكان بعض الذين في المسجد لم يشعروا بذلك لشغلهم بالصلاة إلا أنهم فقدوا صوت عمر ولم يعلموا ما سببه. وإنه لما طعن، قيل له: ما أحب الأشربة إليك يا أمير المؤمنين؟ قال: النبيذ فسقوه نبيذا، فخرج من جرحه، فقال قوم: نبيذ وقال قوم: دم فسقوه لبنا فخرج من جرحه.
فقيل له: أوص يا أمير المؤمنين، فأوصى بالشورى كما تقدم. وكان قتله في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وبقي ثلاثة أيام، وتوفي لأربع بقين من ذي الحجة. وقيل لليلتين وقد تقدم بعض ذلك في الأوز.
ويقال إن عبيد الله بن عمر وثب على الهرمزان فقتله، وقتل معه رجلا نصرانيا، يعرف بحفنة من أهل نجران، كانا قد اتهما بإغراء أبي لؤلؤة بعمر رضي الله عنه. وقتل بنتا لأبي لؤلؤة طفلة. ووداهم عثمان رضي الله عنه. ولحق عبيد الله بمعاوية في خلافة علي رضي الله عنه.
وكان في أيام عمر الفتوحات العظام، وهو الذي سمى الغزوات الشواتي والصوائف، وهو أول من أرخ التاريخ بعام الهجرة، وأول من دعي بأمير المؤمنين وأول من ختم الكتب، وكان في يده خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه نظر. وأول من ضرب بالدرة وحملها. وأول من قال: أطال الله بقاءك، قالها لعلي رضي الله عنهما، وهو الذي أخر المقام إلى موضعه اليوم، وكان ملصقا بالبيت، وهو أول من جمع الناس على إمام واحد في التراويح. وحج بالناس عشر سنين متوالية آخرها سنة ثلاث وعشرين، ومعه نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهوادج ورجع إلى المدينة فرأى الرؤيا المتقدم