للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها ثم من السفاد، وربما بقي الذكر على الأنثى عامة اليوم. وهو من الحيوانات الشمسية، لأنه يخفي شتاء ويظهر صيفا، وبقية أنواعه كالناموس والفراش والنعر والقمع وغيرها، ستذكر في أبوابها إن شاء الله تعالى وما أحسن قول أبي العلاء المعري، ووفاته سنة تسع وأربعين وأربعمائة:

يا طالب الرزق الهنيّ بقوّة ... هيهات أنت بباطل مشغوف

رعت الأسود بقوة جيف الفلا ... ورعى الذباب الشهد وهو ضعيف

ولمحمد الأندلسي في المعنى:

مثل الرزق الذي تطلبه ... مثل الظل الذي يمشي معك

أنت لا تدركه متبعا ... وإذا وليت عنه تبعك

وفي المعنى «١» أيضا لأبي الخير الكاتب الواسطي:

جرى قلم القضاء بما يكون ... فسيان التحرك والسكون

جنون منك أن تسعى لرزق ... ويرزق في غشاوته الجنين

وقد أجاد الأمير سيف الدين علي بن فليح الظاهري في التحذير من احتقار العدوّ بقوله:

لا تحقرن عدوّا لأن جانبه ... وإن تراه ضعيف البطش والجلد

فللذبابة في الجرح المديد يد ... تنال ما قصّرت عنه يد الأسد

وفي تاريخ «٢» ابن خلكان، في ترجمة الإمام يوسف بن زهرة الهمذاني الزاهد، صاحب المقامات والكرامات والأحوال الظاهرات، أنه جلس يوما للوعظ فاجتمع إليه العالم، فقام من بينهم فقيه يعرف بابن السقاء وآذاه، وسأله عن مسألة، فقال له الإمام يوسف: اجلس فإني أجد من كلامك رائحة الكفر، ولعلك أن تموت على غير دين الإسلام! فقدم رسول ملك الروم إلى الخليفة فخرج ابن السقاء مع الرسول إلى القسطنطينية فتنصر ومات نصرانيا. وكان ابن السقاء قارئا للقرآن، محمودا في تلاوته. وحكى من رآه بالقسطنطينية قال: رأيته مريضا ملقى على دكة، وبيده مروحة يدفع بها الذباب عن وجهه، فقلت له: هل القرآن باق على حفظك؟ فقال: ما أذكر منه إلا آية واحدة وهي رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ

«٣» والباقي أنسته. اهـ نعوذ بالله من سخطه وخذلانه، ونسأله حسن الخاتمة. فانظر يا أخي كيف هلك هذا الرجل، وخذل بالانتقاد، وترك الاعتقاد. نسأل الله السلامة، فعليك يا أخي بالاعتقاد، وترك الانتقاد على المشايخ العارفين، والعلماء العاملين، والمؤمنين الصالحين، فإن حرابهم مسمومة. فقل من تعرض لهم وسلم، فسلم تسلم ولا تنتقد تندم، واقتد بإمام العارفين، ورأس الصديقين، وعلامة العلماء العاملين في وقته الشيخ محي الدين عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى، لما عزم على زيارة قطب

<<  <  ج: ص:  >  >>