للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاكتسب اللحم منها هذه الخاصية. وقال إياد: إنما علمت أن الملك ليس بابن أبيه الذي يدعى إليه لأنه صنع لنا طعاما ولم يأكل معنا، فعرفت ذلك من طباعه، لأن أباه لم يكن كذلك وقال أنمار: إنما علمت أن الخبز عجنته حائض، لأن الخبز إذا فت انتفش في الطعام، وهو بخلاف ذلك فعلمت أنه عجين حائض.

فأخبر الرجل الأفعى بذلك، فقال: ما هؤلاء إلا شياطين، ثم أتاهم فقال لهم: قصوا قصتكم، فقصوا عليه ما أوصاهم به أبوهم، وما كان من اختلافهم. فقال: ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو ملضر، فصارت له الدنانير والإبل وهي حمر فسميت مضر الحمراء. ثم قال وما أشبه الخباء الأسود من دابة ومال، فهو لربيعة فصارت له الخيل وهي دهم فسميت ربيعة الفرس. ثم قال: وما أشبه الخادم، وكانت شمطاء، من مال، فهو لإياد، فصارت له الماشية البلق «١» من الخيل وغيرها وقضى لأنمار بالدراهم والأرض. فساروا من عنده على ذلك.

وسيأتي، إن شاء الله تعالى، في باب الكاف في الكلام على الكلب، ما نقله السهيلي من أن ربيعة ومضر كانا مؤمنين.

وفي وفيات الأعيان في ترجمة ابن التلميذ «٢» شيخ النصارى والأطباء، أنه كان بينه وبين أوحد الزمان «٣» هبة الله الحكيم المشهور تنافس، وكان يهوديا فأسلم في آخر عمره، وأصابه الجذام، فعالج نفسه بتسليط الأفاعي على جسده بعد أن جوّعها، فبالغت في نهشه، فبرىء من الجذام وعمي فعمل «٤» فيه ابن التلميذ شعرا:

لنا صديق يهودي حماقته ... إذا تكلم تبدو فيه من فيه

يتيه والكلب أعلى منه منزلة ... كأنه بعد لم يخرج من التيه

وكان ابن التلميذ متواضعا وأوحد الزمان متكبرا، فعمل فيهما البديع «٥» الاسطرلابي شعرا:

أبو الحسن الطبيب ومقتفيه ... أبو البركات في طرفي نقيض

فهذا بالتواضع في الثريا ... وهذا بالتكبر في الحضيض

وقد ألغز أبو الحسن بن التلميذ في الميزان وأجاد «٦» :

<<  <  ج: ص:  >  >>