خالفنا بين يدي الله، فنقول: قال الله وقال رسول الله، وتقول أنت وأصحابك: سمعنا ورأينا فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء. والجواب في أن الزنا لا يقبل فيه إلا أربعة طلبا للستر، وفي أن الحائض لا تقضي الصلاة دفعا للمشقة، لأن الصلاة متكررة في اليوم والليلة خمس مرات، بخلاف الصوم، فإنه في السنة مرة والله أعلم.
وجعفر الصادق هو جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وجعفر أحد الأئمة الإثني عشر، على مذهب الإمامية، من سادات أهل البيت. ولقب الصادق لصدقه في مقالته. وله مقال في صنعة الكيمياء والزجر والفأل وتقدم في باب الجيم، في الجفرة. عن ابن قتيبة أنه قال في كتابه أدب الكاتب: إن كتاب الجفر جلد جفرة كتب فيه الإمام جعفر الصادق لأهل البيت كل ما يحتاجون إلى علمه، وكل ما يكون إلى يوم القيامة. وكذا حكاه ابن خلكان عنه أيضا.
وكثير من الناس ينسبون كتاب الجفر إلى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو وهم، والصواب أن الذي وضعه جعفر الصادق كما تقدم. وأوصى جعفر ابنه موسى الكاظم فقال: يا بني احفظ وصيتي تعش سعيدا، وتمت شهيدا، يا بني إن من قنع بما قسم له استغنى، ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، ومن لم يرض بما قسم الله له اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استعظم زلة نفسه استصغر زلة غيره. يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم. يا بني قل الحق لك أو عليك، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. يا بني إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه.
وروي أنه قيل لجعفر الصادق: ما بال الناس في الغلاء يزداد جوعهم، بخلاف العادة في الرخص؟ فقال: لأنهم خلقوا من الأرض وهم بنوها، فإذا أقحطت أقحطوا، وإذا أخصبت أخصبوا. ولد جعفر رحمة الله عليه سنة ثمانين من الهجرة، وقيل سنة ثلاث وثمانين وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائة.
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر هو وأصحابه وهم محرمون بظبي واقف في ظل شجرة فقال:
يا فلان لأحد أصحابه «قف ههنا، حتى يمر الناس لا يريبه أحد بشيء» ، أي لا يتعرض له. وفي المستدرك عن قبيصة بن جابر الأسدي، قال «١» : «كنت محرما، فرأيت ظبيا فرميته فأصبته فمات، فوقع في نفسي من ذلك شيء، فأتيت عمر أسأله، فوجدت إلى جنبه رجلا أبيض رقيق الوجه، وإذا هو عبد الرحمن بن عوف فسألت عمر فالتفت إلى عبد الرحمن، فقال: ترى شاة تكفيه؟ قال:
نعم، فأمرني أن أذبح شاة» . فلما قمنا من عنده قال صاحب لي: إن أمير المؤمنين لم يحسن أن يفتيك حتى سأل الرجل! فسمع عمر بعض كلامه، فعلاه بالدرة ضربا، ثم أقبل علي ليضربني، فقلت: يا أمير المؤمنين إني لم أقل شيئا إنما هو قاله، فتركني ثم قال: أردت أن تفعل الحرام