تقوم لهم ثاغية ولا راغية أبدا، فقال: لا ولكن احبسوا الرجل، فإن أنا مت فاقتلوه، وإن أعش فالجروح قصاص. انتهى.
وسبب ذلك، على ما ذكره ابن خلكان وغيره، أنه اجتمع قوم من الخوارج فتذاكروا أصحاب النهروان، وترحموا عليهم، وقالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم؟ فتحالف عبد الرحمن بن ملجم، والبرك بن عبد الله، وعمرو بن بكر التميمي على أن يأتي كل واحد منهم واحدا من علي ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم، فقال ابن ملجم وهو أشقى الآخرين: أنا أكفيكم علي بن أبي طالب، وقال البرك: وأنا أكفيكم معاوية، وقال ابن بكر: وأنا أكفيكم عمرو بن العاص. ثم سموا سيوفهم وتواعدوا لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان. فدخل ابن ملجم الكوفة فرأى امرأة حسناء، يقال لها قطام، كان علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قد قتل أباها وأخاها يوم النهروان، فخطبها فقالت لا أتزوجك حتى أشترط، قال: وما شرطك؟ قالت:
ثلاثة آلاف وعبد ووصيفة وقتل علي فقال لها: وكيف لي بقتل علي؟ فقالت: تروم ذلك غيلة فإن سلمت أرحت الناس من شره، وأقمت مع أهلك، وإن أصبت خرجت إلى الجنة ونعيم لا يزول فأنعم لها، وقال: ما جئت إلا لقتله. ثم أقبل ابن ملجم حتى جلس مقابل السدة التي يخرج منها علي رضي الله تعالى عنه: فزت ورب الكعبة، شأنكم بالرجل فخذوه، فحمل ابن ملجم علي رضي الله تعالى عنه: فزت ورب الكعبة، شأنكم بالرجل فخذوه، فحمل ابن ملجم على الناس بسيفه، فأفرجوا له، وتلقاه المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بقطيفة فرمى بها عليه واحتمله، فضرب به الأرض وجلس على صدره. قالوا: وأقام علي رضي الله عنه يومين ومات. وقتل الحسن بن علي عبد الرحمن بن ملجم، فاجتمع الناس وأحرقوا جثته.
وأما البرك فإنه ضرب معاوية رضي الله عنه، فأصاب أوراكه، وكان معاوية عظيم الأوراك، فقطع منه عرق النكاح، فلم يولد له بعد ذلك. فلما أخذ قال: الأمان والبشارة، فقد قتل علي في هذه الليلة، فاستبقاه حتى جاءه الخبر بذلك، فقطع معاوية يده ورجله وأطلقه. فرحل إلى البصرة، وأقام بها حتى بلغ زياد ابن أبيه أنه ولد له، فقال: أيولد له وأمير المؤمنين لا يولد له؟
فقتله قالوا: وأمر معاوية رضي الله عنه باتخاذ المقصورة من ذلك الوقت، وأما ابن بكر فإنه رصد عمرو ابن العاص رضي الله تعالى عنه، فاشتكى عمرو بطنه، فلم يخرج للصلاة، فصلى بالناس رجل من بني سهم يقال له خارجة فضربه ابن بكر فقتله فأخذ ابن بكر فلما أدخل على عمرو رضي الله تعالى عنه، ورآهم يخاطبونه بالإمارة قال: أو ما قتلت عمرا قال له: لا وإنما قتلت خارجة. قال:
أردت عمرا وأراد الله خارجة. فقتله عمرو رضي الله تعالى عنه وقيل: إن عليا رضي الله عنه، كان إذا رأى ابن ملجم يتمثل ببيت عمرو «١» بن معد يكرب بن قيس بن مكشوح المرادي وهو قوله «٢» :