للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربذة ولم يرده أبو بكر ولا عمر فرده عثمان رضي الله تعالى عنهم. قيل: إنما رده بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم، قاله غير واحد. ولى مصر عبد الله بن أبي «١» سرح، وأعطى أقاربه الأموال فكان ذلك مما نقم عليه الناس، فلما كانت سنة خمس وثلاثين، قدم المدينة مالك الأشتر «٢» النخعي في مائتي رجل من أهل الكوفة، ومائة وخمسين من أهل البصرة وستمائة من أهل مصر، كلهم مجمعون على خلع عثمان رضي الله تعالى عنه من الخلافة، فلما اجتمعوا في المدينة سير إليهم عثمان رضي الله تعالى عنه المغيرة بن شعبة «٣» وعمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، يدعوهم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فردوهما أقبح رد، ولم يسمعوا كلامهما. فبعث إليهم عليا رضي الله تعالى عنه فردهم إلى ذلك، وضمن لهم ما يعدهم به عثمان رضي الله تعالى عنه، وكتبوا على عثمان كتابا بإزاحة عللهم، والسير فيهم بكتاب الله عزّ وجلّ، وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وأخذوا عليه عهدا بذلك، وأشهدوا على علي رضي الله تعالى عنه أنه ضمن ذلك، واقترح المصريون على عثمان رضي الله تعالى عنه عزل عبد الله بن أبي سرح، وتولية محمد بن أبي بكر فأجابهم إلى ذلك وولاه وافترق الجمع كل إلى بلده، فلما وصل المصريون إلى إيلة وجدوا رجلا على نجيب لعثمان رضي الله تعالى عنه ومعه كتاب مختوم بخاتم عثمان، مصطنع على لسانه، وعنوانه من عثمان إلى عبد الله بن أبي سرح وفيه إذا قدم محمد بن أبي بكر ومعه فلان وفلان فاقطع أيديهم وأرجلهم وارفعهم على جذوع النخل، فرجع المصريون ورجع البصريون والكوفيون لما بلغهم ذلك وأخبروه الخبر فحلف عثمان رضي الله تعالى عنه أنه ما فعل ذلك، ولا أمر به، فقالوا: هذا أشد عليك يؤخذ خاتمك ونجيب من إبلك وأنت لا تعلم. ما أنت إلا مغلوب على أمرك! ثم سألوه أن يعتزل فأبى، فأجمعوا على حصاره فحاصروه في داره، وكان من أكبر المؤلبين عليه محمد بن أبي بكر. وكان الحصار في سلخ شوال، واشتد الحصار، ومنع من أن يصل إليه الماء قال أبو أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه: كنا مع عثمان وهو محصور في الدار، فقال: «وبم يقتلوني؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «٤» لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلام، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفسا بغير حق فيقتل بها، فو الله ما أحببت بديني بدلا، منذ هداني الله تعالى، ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا قتلت نفسا بغير حق فبم يقتلوني» ؟ رواه الإمام أحمد.

وعن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه أنه قال «لما اشتد الحصار بعثمان رضي الله تعالى عنه، يوم الدار رأيت عليا رضي الله تعالى عنه خارجا من منزله معتما بعمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، متقلدا بسيفه وأمامه ابنه الحسن وعبد الله بن عمر في نفر من المهاجرين والأنصار، رضي الله تعالى

<<  <  ج: ص:  >  >>