أكله، والنضاخ الفوار. قال «١» الله عز وجل: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
وأحكام التتريب وشرطوه مبسوطة في كتب الفقه.
روى مسلم عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: قال «٢» رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود» . قيل لأبي ذر رضي الله تعالى عنه: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما سألتني، فقال:
«الكلب الأسود شيطان» . فحمله بعض العلماء على ظاهره، وقال: الشيطان يتصور بصورة الكلب الأسود. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:«اقتلوا منها كل أسود بهيم»«٣» . وقيل: لما كان الكلب الأسود أشد ضررا من غيره وأشد ترويعا، كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلاته، فانقطعت عليه لذلك.
ولذلك تأول الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم «يقطع الصلاة المرأة والحمار» بأن ذلك مبالغة الخوف على قطعها وإفسادها من الشغل بهذه المذكورات. وذلك لأن المرأة تفتن، والحمار ينهق، والكلب الأسود يروع ويشوش الفكر، فلما كانت هذه الأمور، آيلة إلى القطع، جعلها قاطعة. وذهب ابن عباس وعطاء رضي الله تعالى عنهم، إلى أن المرأة التي تقطع الصلاة، إنما هي الحائض لما تستصحبه من النجاسة. واحتج أحمد رحمه الله بحديث الكلب الأسود على أنه لا يجوز صيده ولا يحل، لأنه شيطان. واختاره أبو بكر الصيرفي من أصحابنا. وقال الشافعي رحمه الله ومالك وأبو حنيفة وجماهير العلماء رحمة الله تعالى عليهم: يحل صيده كغيره. وليس المراد بالحديث، إخراجه عن جنس الكلاب، ولهذا إذا ولغ في إناء أو غيره وجب غسله وتعفيره كولوغ الكلب الأبيض.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال «٤» صلى الله عليه وسلم: «ما بالهم وبال الكلاب» . ثم رخص صلى الله عليه وسلم في كلب الصيد وكلب الغنم. فحمل الأصحاب الأمر بقتلها على الكلب الكلب والكلب العقور، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه منها. فقال القاضي حسين وإمام الحرمين والماوردي، في باب بيع الكلاب، والنووي في أول البيع، من شرحي المهذب ومسلم: لا يجوز قتلها. وقال في باب المحرمات الإحرام: إنه الأصح، وإن الأمر بقتلها منسوخ. وعلى الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه لا تحريم.
لكن، قال الشافعي في الأم، في باب الخلاف، في ثمن الكلاب: واقتلوا الكلاب التي لا نفع فيها حيث وجدتموها، وهذا هو الراجح في المهمات ولا يجوز اقتناء الكلب الذي لا منفعه فيه.
وذلك لما في اقتنائها من مفاسد الترويع والعقر للمار. ولعل ذلك لمجانبة الملائكة لمحلها، ومجانبة الملائكة أمر شديد لما في مخالطتهم من الإلهام إلى الخير والدعاء إليه.
واختلف الأصحاب في جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدرب والدور على وجهين: أصحهما