بن سمعان في صفة الدجال: «ويبارك في الرسل يعني اللبن حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس» . الفئام الجماعة الكثيرة مأخوذ من الكثرة، والفخذ بالذال المعجمة الجماعة من الأقارب، وهم دون البطن والبطن دون القبيلة. قال ابن فارس: الفخذ هنا باسكان الخاء المعجمة لا غير بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن.
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم عشرون لقحة بالغابة وهي على بريد من المدينة بطريق الشأم، كان يراح إليه صلى الله عليه وسلم كل ليلة بقربتين عظيمتين من لبن، وكان أبو ذر رضي الله تعالى عنه فيها، وكان صلى الله عليه وسلم يفرقها على نسائه وهي التي استاقها العرنيون وقتلوا راعيها يسارا ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ما فعل.
وروى «١» الحاكم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقحة، فأثابه منها ست بكرات فتسخطها، فقال صلى الله عليه وسلم: «من يعذرني من فلان؟ أهدى إلي لقحة فأثبته منها ست بكرات فتسخطها لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي» ثم قال: صحيح الإسناد.
وروى هو وأحمد والبيهقي، عن ضرار بن الأزور رضي الله تعالى عنه، قال: أهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقحة، فأمرني أن أحلبها فحلبتها فجهدت حلبها، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تفعل دع داعي اللبن» . وروى البزار عن بريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحلاب لقحة، فقام رجل فقال له صلى الله عليه وسلم:
«ما اسمك» ؟ فقال: مرة. فقال صلى الله عليه وسلم: «اقعد» . فقام آخر، فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما اسمك» ؟ قال:
يعيش. فقال صلى الله عليه وسلم له: «احلب» .
ورواه مالك عن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب: «من يحلب هذه» ؟ فقام رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اسمك» ؟ قال له الرجل: مرة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «اجلس» .
ثم قال: «من يحلب هذه» ؟ فقام رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما اسمك» ؟ قال: حرب. قال:
«اجلس» . ثم قال صلى الله عليه وسلم: «من يحلب هذه» ؟ فقام رجل فقال له صلى الله عليه وسلم: «ما اسمك» ؟ قال: يعيش.
فقال له صلى الله عليه وسلم: «احلب» .
ثم روى عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة. قال ابن من؟ قال: ابن شهاب. قال: ممن؟ قال: من الحرقة. قال: أين مسكنك؟ قال بحرة النار. قال: بأيها؟ قال: بذات لظى. فقال له عمر رضي الله تعالى عنه:
أدرك أهلك فقد احترقوا. قال: فكان كما قال عمر رضي الله تعالى عنه.
وفي السيرة أنه صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى بدر، مر برجلين فسأل عن اسمهما، فقال له أحدهما:
مسلخ والآخر مخذل، فعدل عن طريقهما، وليس هذا من الطيرة التي نهى صلى الله عليه وسلم عنها، بل من باب كراهة الاسم القبيح. فقد كان صلى الله عليه وسلم يكتب إلى أمرائه: «إذا أبردتم إلي بريدا، فأبردوه حسن