للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى الأجل وحضركم العذاب، فلما كان يوم الأحد، لما اشتد الضحى، أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة، وصوت كل شيء له صوت يصوت به في الأرض، فقطعت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين. وكان الذي آمن بصالح عليه الصلاة والسلام من ثمود أربعة آلاف، فخرج بهم صالح إلى حضرموت، فلما حضرها صالح مات، فسميت حضرموت. ثم بنى الأربعة آلاف مدينة يقال لها حاضور. كذا قاله محمد بن اسحاق ووهب وجماعة. وقال قوم من أهل العلم: توفي صالح بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وأقام في قومه عشرين سنة.

وروى أحمد والطبراني والبزار بإسناد صحيح عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «لا تسألوا نبيكم الآيات فإن قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث لهم آية فبعث الله لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم ورودها وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروا الناقة، فقيل لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام أو قيل لهم: إن العذاب يأتيكم إلى ثلاثة أيام، ثم جاءتهم الصيحة فأهلكت من تحت أديم السماء منهم في مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا واحدا كان في حرم الله تعالى فمنعه من عذاب الله عز وجل» . قالوا: يا رسول الله من هو؟ قال: «أبو رغال» . قيل: ومن أبو رغال؟ قال: «جد ثقيف» . وفي رواية فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن ودفن معه غصن من ذهب. وأراهم صلى الله عليه وسلم قبر أبي رغال، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم وحفروا عنه واستخرجوا ذلك الغصن.

وروى الطبراني عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «أشقى الناس ثلاثة: عاقر ناقة ثمود وابن آدم الأول الذي قتل أخاه، ما سفك على الأرض دم إلا لحقه منه إثم، لأنه أول من سن القتل وقاتل علي بن أبي طالب» . رضي الله تعالى عنه.

وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر، في غزوة تبوك، أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها، فقالوا: قد عجنا منها واستقينا. فأمرهم عليه الصلاة والسلام أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة. وفي رواية «٣» جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم مثل ما أصابهم» .

وروى «٤» مسلم عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنه، قال: جاء رجل بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل الله تعالى، فقال له صلى الله عليه وسلم: «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة مخطومة» .

وروى «٥» أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن أبي بن كعب قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>