للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي المستدرك أيضا، في ترجمة صهيب رضي الله عنه، عن كعب الأحبار، عن صهيب بن سنان، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: «اللهم إنك لست بإله استحدثناه، ولا برب ابتدعناه، ولا كان لنا قبلك من إله نلجأ إليه، ونذرك ولا أعانك على خلقنا أحد فنشركه معك، تباركت وتعاليت» «١» قال كعب الأحبار: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يدعو به، ثم قال: صحيح الإسناد.

في المستدرك أيضا، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بأعرابي فأكرمه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أعرابي سل حاجتك» . فقال: يا نبي الله ناقة نرحلها، وأعنزا يحلبها أهلي. فقال صلى الله عليه وسلم: «أعجز هذا أن يكون مثل عجوز بني إسرائيل» . قالوا: يا رسول الله، وما عجوز بني إسرائيل؟ قال صلى الله عليه وسلم: «إن بني إسرائيل خرجوا من مصر، فضلوا الطريق، وأظلم عليهم، فقالوا: ما هذا؟ قال علماؤهم: إن يوسف عليه الصلاة والسلام، لما حضرته الوفاة، أخذ علينا موثقا من الله، أن لا نخرج حتى ننقل عظامه معنا، فقال موسى عليه الصلاة والسلام: فمن يعلم موضع قبره؟ قالوا: عجوز لبني إسرائيل، فبعث إليها فأتته فقال: دليني على قبر يوسف، قالت: وتعطيني ما أسألك؟ فقال: وما سؤالك؟ قالت: أكون معك في الجنة. فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها، ففعل» . ورواه الطبراني وأبو يعلى الموصلي بنحوه.

وفي رواية، في غير المستدرك أنها كانت مقعدة عمياء، وأنها قالت لموسى: لا أخبرك عن موضع قبره حتى تعطيني أربع خصال: تطلق رجلي وبصري وشبابي وأكون معك في الجنة. فأوحى الله إليه أن أعطها ما سألتك، فإن ما تعطي علي، ففعل. فانطلقت بهم إلى مستنقع ماء، فاستخرجته من شاطىء النيل، في صندوق من مرمر، فلما فكوا تابوته طلع القمر، وأضاءت الطريق مثل النهار، فاهتدوا وحملوه معهم إلى الشام فدفنه موسى عليه السلام عند آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب صلى الله عليهم وسلم. وعاش يوسف بعد أبيه يعقوب ثلاثا وعشرين سنة، وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة.

وفي المستدرك وغيره، عن معاذ رضي الله تعالى عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول «٢» : «من قاتل في سبيل الله قدر فواق ناقة وجبت له الجنة» . وفواق الناقة ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح.

وفي الحديث أيضا: «عيادة المريض قدر فواق الناقة» . وفي أخبار معن بن زائدة الشيباني أن رجلا قال له: احملني أيها الأمير، فأمر له بناقة وفرس وبغل وحمار وجارية. ثم قال: لو علمت أن الله خلق مركوبا يحمل عليه غير هذا لحملتك عليه. وقد أمرنا لك من الخز بجبة وقميص وعمامة ودراعة وسراويل ومنديل ومطرف ورداء وكساء وجورب وكيس. ولو علمنا شيئا آخر يتخذ من الخز غير هذا لأعطيناك إياه. قال بعضهم: رحم الله معنا، لو كان يعلم أن الغلام يركب لأمر له به، ولكنه كان عربيا محضا لم يتدنس بقاذورات العجم. وذكر ابن خلكان في ترجمته أنه جلس يوما فرأى راكبا فقال: ما أحسب هذا يريد غيري، فلما وصل أنشد قائلا «٣» :

<<  <  ج: ص:  >  >>