والنسر سيد الطير، روى اليافعي، في كتاب نفحات الأزهار ولمحات الأنوار، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هبط علي جبريل فقال: يا محمد إن لكل شيء سيدا، فسيد البشر آدم، وسيد ولد آدم أنت، وسيد الروم صهيب، وسيد فارس سليمان، وسيد الحبش بلال، وسيد الشجر السدر، وسيد الطير النسر، وسيد الشهور رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الكلام العربية، وسيد العربية القرآن، وسيد القرآن سورة البقرة» .
وروى الطبراني، في معجمه الأوسط، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك» ؟ فقال جلا وعلا: الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه. والحديث يأتي إن شاء الله تعالى بتمامه في النمر.
وفي شعب الإيمان للبيهقي، عن علي بن هارون العبدي، قال: سمعت الجنيد رضي الله عنه يقول: حق الشكر أن لا يعصي الله فيما أنعم، ومن كان لسانه رطبا بذكر الله تعالى، دخل الجنة وهو يضحك. وقال: إن لله عبادا يأوون إلى ذكر الله، كما يأوي النسر إلى وكره.
وفي الحلية، في ترجمة وهب بن منبه وغيرها، عن وهب بن منبه، قال: إن بختنصر مسخ أسدا فكان ملك السباع، ثم مسخ نسرا فكان ملك الطير، ثم مسخ ثورا فكان ملك الدواب.
وكان مسخه سبع سنين، وقلبه في ذلك كله قلب إنسان، وهو في ذلك كله يعقل عقل الإنسان، وكان ملكه قائما. ثم رده الله إلى بشريته، ورد عليه روحه، فدعا إلى توحيد الله وقال: كل إله باطل إلا الله إله السماء. فقيل لوهب: أمات مسلما؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: آمن قبل أن يموت. وقال بعضهم: قتل الأنبياء، وخرب بيت الله المقدس، وأحرق كتبه، فغضب الله عليه فلم يقبل منه التوبة انتهى.
قال السدي: إن بختنصر، لما رجع إلى صورته، ورد الله عليه ملكه، كان دانيال وأصحابه، من أكرم الناس عليه، فحسدتهم المجوس، وقالوا لبختنصر: إن دانيال إذا شرب لم يملك نفسه أن يبول، وكان ذلك فيهم عارا، فجعل لهم طعاما فأكلوا وشربوا، وقال للبواب: انظر أول من يخرج للبول، فاضربه بالطبر، فإن قال: أنا بختنصر، فقل: كذبت! بختنصر أمرني بقتلك، فكان أول من قام للبول بختنصر، فلما رآه البواب، شد عليه فقال: أنا بختنصر، فقال البواب:
كذبت بختنصر أمرني بقتلك، ثم ضربه فقتله. هكذا قال أصحاب المبتدا.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن نمرود الجبار، لما حاج إبراهيم عليه الصلاة والسلام في ربه، قال: إن كان ما يقوله إبراهيم حقا، فلا أنتهي حتى أصعد إلى السماء فأعلم ما فيها، فعمد إلى أربعة أفراخ من النسور، فرباها حتى شبت، واتخذ تابوتا، فجعل له بابا من أعلاه وبابا من أسفله، وقعد نمرود مع رجل في التابوت، ونصب خشبات في أطراف التابوت، وجعل على رؤوسها اللحم، وربط التابوت بأرجل النسور وخلاها، فطارت وصعدت طمعا في اللحم، حتى مضى يوم وأبعدت في الهواء، فقال نمرود لصاحبه: افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربنا منها؟ ففتح ونظر، فقال: إن السماء كهيئتها ثم قال له: افتح