إليه. فأخذه ورجع إلى الشافعي. فقال له الشافعي: ما أجازك؟ قال: أعطاني القميص الذي على جسده. فقال: أما أنا فلا أفجعك فيه، ولكن أغسله وائتني بمائة، فغسله وأتاه بالماء، فأفاضه على سائر جسده.
وقال إبراهيم الحربي: جعل الإمام أحمد بن حنبل جميع من ضربه أو حضره أو ساعد عليه في حل، إلا ابن أبي دؤاد. وقال: لولا أنه ذو بدعة لأحللته، ولو تاب من بدعته لأحللته، وقال أحمد بن سنان: بلغنا أحمد بن حنبل جعل المعتصم في حل، يوم فتح بابل أو فتح عمورية.
وقال: هو في حل من ضربي. قال عبد الله بن الورد: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، في المنام، فقلت له:
يا رسول الله ما شأن أحمد بن حنبل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: سيأتيك موسى بن عمران، فاسأله فإذا أنا بموسى بن عمران صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا كليم الله ما شأن أحمد بن حنبل، فقال: أحمد بن حنبل بلي في السراء والضراء، فوجد صابرا صادقا، فألحق بالصديقين.
والحكمة في إحالة النبي صلى الله عليه وسلم على موسى عليه السلام أمور: منها بيان فضيلة أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم، حتى إن موسى عليه السلام يبين ذلك ويقرره. ومنها بيان فضل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه وما جعل له من الثواب العظيم في المحنة لما جرى عليه، حتى إنه شهد بعظيم فضله وعلو منزلته نبي كريم. ومنها أن محنة الإمام أحمد في كون القرآن مخلوقا، وهو كلام الله تعالى، وموسى بن عمران عليه السلام كليم الله تعالى، كلمه الله تكليما، وهو يعلم أن القرآن كلام الله تعالى ليس بمخلوق. فناسب الإحالة ليعرف الناس ذلك، ليزداد يقينهم بأنه منزل غير مخلوق.
وذكر ابن خلكان في ترجمته «١» أنه ولد في سنة أربع وستين ومائة وتوفي في سنة إحدى وأربعين ومائتين. وحزر من حضر جنازته من الرجال، فكانوا ثمانمائة ألف، ومن النساء ستين ألفا، وأسلم يوم موته عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس انتهى.
وقال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات: إن المتوكل أمر أن يقاس الموضع، الذي وقف الناس فيه للصلاة على الإمام أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة ألف ووقع المأتم في أربعة أصناف: في المسلمين واليهود والنصارى والمجوس انتهى. قال محمد بن خزيمة: لما بلغني موت الإمام أحمد بن حنبل اغتممت غما شديدا، فرأيت من ليلتي في المنام، وهو يتبختر في مشيته، فقلت: يا أبا عبد الله ما هذه المشية؟ فقال: مشية الخدام في دار السلام. فقلت: ما فعل الله بك؟
فقال: غفر لي وتوجني وألبسني نعلين من ذهب، وقال يا أحمد هذا بقولك القرآن كلامي غير مخلوق، ثم قال تبارك وتعالى: يا أحمد ادعني بتلك الدعوات التي بلغتك عن سفيان «٢» التي كنت تدعو بهن في دار الدنيا. قال: فقلت يا رب كل شيء أسألك بقدرتك على كل شيء، لا تسألني عن شيء، واغفر لي كل شيء. فقال جل وعلا: يا أحمد هذه الجنة قم فادخلها فدخلتها فإذا أنا بسفيان الثوري له جناحان أخضران، يطير بهما من نخلة إلى نخلة، وهو يقول: الحمد الله الذي