يا ذا الذي بقراع السيف هدّدنا ... لا قام قائم جنبي حين تصرعه «١»
قام الحمام إلى البازي يهدده ... واستيقظت لأسود الغاب اضبعه «٢»
أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه ... يكفيه ما قد تلاقي منه إصبعه
وقفنا على تفصيله وجمله، وعلمنا ما تهددنا به من قوله وعمله، فيالله العجب من ذبابة تطن في إذن فيل، وبعوضه تعد في التماثيل، ولقد قالها قبلك آخرون، فدمرنا عليهم وما كان لهم ناصرون، أو للحق تدحضون، وللباطل تنصرون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأما ما صدرت به من قولك من قطع راسي وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي، فتلك أماني كاذبة، وخيالات غير صائبة، فإن الجواهر لا تزول بالأعراض، كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض. كم بين قوي وضعيف، ودني وشريف؟ وإن عدنا إلى الظواهر والمحسوسات، وعدلنا عن البواطن والمعقولات، قلنا اسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله «٣»«ما أوذي نبي ما أوذيت» .
وقد علمتم ما جرى على عترته، وأهل بيته وشيعته، والحال ما حال والأمر ما زال، ولله الحمد في الآخرة والأولى، إذ نحن مظلومون لا ظالمون، ومغصوبون لا غاصبون. وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، وقد علمتم ظاهر حالنا، وكيف قتال رجالنا، وما يتمنونه من الفوت، ويتقربون به إلى حياض الموت، قال: فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ
«٤» .
وفي أمثال العامة السائرة:«أو للبط تهددين بالشط» .
فهي للبلايا جلبابا، وتدرع للرزايا أثوابا، فلأظهرن عليك منك، ولأفنينهم فيك عنك، ولا تكونن كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه، وإذا وقفت على كتابنا فكن لأمرنا بالمرصاد، ومن حالك على اقتصاد، واقرأ أوّل النحل وآخر صاد، ثم اختتمها بهذين البيتين «٥» .
بنا نلت هذا الملك حتى تأثلت ... بيوتك فيه واستقرّ عمودها
فأصبحت ترمينا بنبل بنا استوى ... مغارسها قد ما وفينا جديدها
ويشبه هذا ما حكاه أيضا في ترجمة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن صاحب بلاد المغرب، وكان بينه وبين الأدفونش صاحب طليطلة، مكاتبات قال: بعث الأدفونش رسولا إلى الأمير يعقوب يتوعده ويتهدده، ويطلب منه بعض الحصون، وكتب إليه رسالة من إنشاء وزيره ابن النجار وهي: